أبعاد ودلالات سحب القوات السعودية من مناطق سيطرة السلطة الشرعية

Getting your Trinity Audio player ready...

قام التحالف العربي لدعم الشرعية بسحب جانب كبير من القوات السعودية بشكل متزامن من عدد من المناطق التي تتواجد فيها في جنوب وشرق اليمن، وقد جاء ذلك الانسحاب بالتزامن مع احتدام المعارك العسكرية على أطراف مدينة “مأرب”، وحراك دبلوماسي وسياسي دولي كبير، وفي ظل انسحاب مثير للجدل لما يسمي بالقوات المشتركة في الساحل الغربي.

في ضوء تلك المعطيات تثار تساؤلات حول، دوافع سحب قوات سعودية من اليمن في هذا التوقيت، والتفسيرات المحتملة لها والتداعيات التي يمكن أن يتركها على المسار العسكري في اليمن؟.

قصة التواجد العسكري السعودي المباشر في اليمن وأسبابه:

مع انطلاق عاصفة الحزم في مارس 2015، اعتمدت السعودية استراتيجية للمشاركة في العمليات العسكرية، تقوم على حماية حدودها الجنوبية، والتعامل بحذر فيما يتصل بالمشاركة في المعارك على الأرض داخل الحدود اليمنية، والتعويل بدلا عن ذلك على مهاجمة التجمعات العسكرية للحوثيين داخل اليمن من خلال الطائرات الحربية.

وبعد مضي وقت على التدخل العسكري اضطرت الرياض إلى التواجد في قواعد عسكرية إما بدوافع السيطرة على مناطق ذات أهمية استراتيجية للأمن القومي السعودي أو للإشراف على عمليات القيادة والسيطرة، وتدريب القوات اليمنية، وبشكل عام فقد تنوعت الأسباب التي دفعت السعودية إلى التواجد العسكري المباشر، غير أنه يمكن إجمالها في ثلاثة أسباب رئيسية تتصل برغبتها في السيطرة على محافظة المهرة ذات الموقع الاستراتيجي، ودعم جبهات القتال التي تقع على القرب من حدودها، وللتعامل مع الفراغ الذي تركه انسحاب القوات الإمارتية، وهو ما يمكن تفصيله على النحو التالي:

  • السيطرة على محافظة المهرة:

فقد حرصت السعودية على تواجد قواتها بشكل مباشر في محافظة المهرة لدواعي غير مُعلنة، في ظل عدم وجود معارك حربية مع الحوثيين فيها، بفعل ابتعادها عن المناطق التي تجري فيها معارك، فقد نقلت عتاداً وافراداً من قواتها المسلحة إلى مدينة “الغيظة” عاصمة المحافظة ومواني برية وبحرية فيها، وذلك في نوفمبر 2017م، تحت لافتة محاربة تهريب الأسلحة للحوثيين، ولم تكترث للمعارضة المجتمعية التي أخذت بعدا جماهيريا وإعلاميا واسعا طوال الأربع السنوات السابقة.  

وتشير مصادر إعلامية أن السعودية أنشأت خلال الأربع السنوات السابقة ما يقرب من (عشرين) موقعا عسكريا في مناطق متفرقة بمحافظة المهرة، بينها ثلاثة معسكرات كبيرة.

 فقد أقامت (خمسة) مواقع وثكنات عسكرية لقواتها في مديرية المسيلة التي تحظى بأهمية استراتيجية، و(خمس) ثكنات في مديرية سيحوت الواقعة على بحر العرب جنوب غرب المهرة، فضلا عن معسكر كبير في قرية “درفات” التابعة لهذه البلدة الساحلية، ومعسكر كبير في قرية “جدوة” بمديرية حصوين الواقعة على البحر العربي، وخمسة مواقع لقواتها في مدينة الغيضة عاصمة محافظة المهرة، بالإضافة إلى معسكر كبير في منطقة “لوسيك”، فضلا عن مطار المدينة الذي بات قاعدة عسكرية.

وتتواجد السعودية عسكريا في ميناء نشطون الواقع على بعد 35 كلم من الغيضة، وأنشأت القوات السعودية كذلك معسكرين لها الأول في مديرية حات، والثاني في مديرية شحن التي ترتبط بمنفذ بري مع عمان، وبحسب المصادر الإعلامية ذاتها، فإن عدد العسكريين من الجنود والضباط الموجودين داخل الموقع أو الثكنة العسكرية يتراوح ما بين 40 و60 عنصرا، ويصل العدد في المعسكرات الثلاثة الكبيرة التي تقع في الغيضة وحات وحصوين إلى ما يزيد على 150 عنصرا سعوديا

  • حماية لمناطق الحدود:

شهد عام 2017، فتح جبهات جديدة في محافظة صعدة، ومعه تواجد مئات من الجنود في تلك الجبهات بمناطق “الظاهر” و”شذا” و”الملاحيظ” والتي تشترك مع نجران وجازان وعسير في الجانب السعودي بحدود مشتركة تتشكل معظمها من سلسة جبلية شديدة الوعورة.

  • سد الفراغ الذي تركه انسحاب القوات الاماراتية:

على النقيض من السعودية تبنت الإمارات استراتيجية تقوم على الزج بقواتها في العمليات العسكرية البرية داخل الحدود اليمنية، سواء أثناء تحرير مدينة عدن وعدد من المحافظات الجنوبية في عام 2017م، أو أثناء العمليات العسكرية التي تمت في محافظة مأرب، والساحل الغربي في نفس العام تقريبا.

وحرصت أبوظبي على تواجد قواتها على الأرض اليمنية من خلال إنشاء مقرات للقيادة العسكرية في عدن وحضرموت وذوباب والمخا، للقيام بمهام التخطيط للعمليات العسكرية والإشراف على تنفيذها، وإنشاء معسكرات للتدريب للقوى المحلية التابعة لها، وإدارة غرفة عمليات والتحكم في نشر النقاط الأمنية وإعادة تموضعها. إلخ.

وعلى إثر الاشتباك السياسي والإعلامي بين الإمارات والسلطة الشرعية والذي بلغ ذروته أثناء المعارك التي دارت بين قوات المجلس الانتقالي التابع للإمارات والجيش الوطني في أغسطس 2019، وبهدف التمهيد لتنفيذ اتفاق الرياض الذي أشرفت عليه السعودية، أعلنت الإمارات في أكتوبر 2019 مغادرة قواتها لليمن.

 ومعه اضطرت السعودية أن تحل قواتها محل القوات الإماراتية المنسحبة، في أكتوبر 2019، وصلت إلى عدن على دفعتين وحدات عسكرية من القوات السعودية في إطار عملية التبادل مع الإمارات، فقد وصلت سفينتان عملاقتان تحملان المئات من الجنود والضباط السعوديين، وعشرات العربات العسكرية المدرعة ومعدات عسكرية أخرى إضافة إلى وحدات تابعة للقوات البحرينية، واتجهت للاستقرار بالمعسكر الذي يقع بمنطقة البريقة مقر قوات التحالف الرئيس، وسبق ذلك انتشار قوات سعودية في عدد من المواقع الحيوية في عدن من بينها، مطار عدن الدولي، قصر معاشيق (الرئاسي) وميناء المدينة. 

وكانت الإمارات قد خفضت وجودها في اليمن من الساحل الغربي في يونيو 2019م، مع تصاعد الضغوط الغربية لإنهاء الحرب، وتزايد التوتر مع إيران على نحو أثار مخاوف أمنية في الخليج، وبعد تخفيض القوات الإماراتية اتخذت السعودية إجراءات لتأمين ميناءين استراتيجيين في البحر الأحمر ومضيق باب المندب فقد استلم ضباط سعوديون قيادة القواعد العسكرية في ميناءي المخا والخوخة، وأرسلت الرياض عددا غير محدد من جنودها إلى جزيرة بريم في مضيق باب المندب.

وأقامت السعودية قاعدة عسكرية لقواتها بالقرب من مطار عتق، وهو المكان الوحيد بمحافظة شبوة الذي به تواجد عسكري سعودي، وتتكون القاعدة من قوات رمزية تضم بعض الضباط والجنود والآليات العسكرية وبعض الأجهزة والمعدات.

انسحاب مثير للقوات السعودية:

شهد النصف الأول من شهر نوفمبر الجاري انسحاب القوات السعودية من عدد كبير من المواقع العسكرية التي كانت تتواجد فيها بمناطق مختلفة جنوب وشرق اليمن، ففي مفتتح شهر نوفمبر الجاري غادرت القوات السعودية المتمركزة في مطار عتق موقعها باتجاه منفذ الوديعة تمهيدا لعودتها الى الأراضي السعودية، وكان قد سبقها انسحاب القوات الإماراتية المتمركزة في معسكر “العلم” شرقي المحافظة وذلك يوم الثلاثاء الموافق الـ 23  من أكتوبر الفائت. 

وانسحبت القوات السعودية من معسكرات لها بمديريتي “حصوين” و”سيحوت” جنوب غرب مدينة الغيظة وسلمتها إلى قيادات قبلية ترتبط بعلاقات وثيقة مع أطراف جنوبية، فيما تم سحب الأسلحة الثقيلة إلى مطار الغيظة.

وأخلت القوات السعودية قاعدة لها من معسكر الخالدية بمديرية رماة في حضرموت باتجاه الحدود السعودية وذلك يوم الثلاثاء الموافق 9 نوفمبر الجاري، وأوضحت المصادر أن هذا الانسحاب كان مفاجئا وغير منظم وأدى إلى حالة من الإرباك، وعمليات نهب للمعسكر من قبل المواطنين.

وفي ذات اليوم غادرت قوة سعودية كبيرة كانت متواجدة في معسكر قيادة قوات التحالف بمديرية البريقة غربي عدن، وتم نقل الضباط والأفراد عبر طائرة شحن سعودية، وبالتزامن مع ذلك تم نقل العربات والمدرعات ومعدات وعتاد آخر على متن باخرة عملاقة كانت ترسو في ميناء الزيت، في ظل إجراءات أمنية مشددة.

وفي اليوم نفسه أيضا تم سحب قوات وآليات لواء الواجب (808) السعودي من منطقة موري ومطار سقطرى الذي كان يتواجد فيها منذ عام 2018، وتم تسليم الموقع لقوات المجلس الانتقالي.

دوافع الانسحاب:

يحيط الغموض بالدوافع الحقيقية التي تقف خلف سحب القوات السعودية من قواعد عسكرية لها في المهرة وعدن وشبوة وحضرموت، ومع هذا فإن المعطيات المتوفرة ترجح أن يكون أحد العوامل التالية هو من يقف خلف تلك الانسحابات، على النحو التالي:  

تحسب لمعركة مأرب:

يٌرجع هذا التفسير انسحاب القوات السعودية إلى فرضية سيطرة الحوثيين على مدينة مأرب، وتحسبا لذلك، قامت السعودية بسحب قوتها العسكرية تجنباً لإمكانية الصدام المباشر مع الحوثيين على أرض يمنية، لما قد يترتب على ذلك من كلفة عسكرية وسياسية كبيرة. 

ويدعم هذا الافتراض التالي:

  1.  أن السعودية كانت قد سحبت قواتها المتواجدة في مأرب، ونفس الأمر بالنسبة لقاعدتها العسكرية حول مطار عتق بمحافظة شبوة، وقاعدة أخري لها بمنطقة الخالدية التابعة لسيئون بمحافظة حضرموت.

  2. سحب بعض الوحدات القتالية التابعة لألوية العمالقة من الساحل الغربي ونقلها باتجاه محافظتي: أبين وشبوة.

  3.  قيام محافظ حضرموت بزيارة إلى النقاط العسكرية التي تقع على أطراف محافظته على الحدود من محافظة شبوة وذلك بتاريخ 13 نوفمبر، اطلع فيها على مستوى الجاهزية والاستعداد القتالي، تحسبًا لأي مخاطر تهدد أمن واستقرار حضرموت، ولرفع الجاهزية لتأمين المدخل الغربي الجنوبي لمحافظة حضرموت.

هذا الافتراض وإن كان يتوافق مع المؤشرات السابقة إلا أن ثمة مؤشرات أخرى تدحضه بشكل كبير، ومنها:

  1.  أن سحب القوات السعودية تم على نطاق واسع ولم يقتصر على المناطق القريبة من دائرة المعارك في مأرب وشبوة، فقد تم سحب جانب كبير من القوات السعودية بمدينة عدن، ولواء الواجب بجزيرة سقطرى وهي مناطق بعيدة عن دائرة المعارك.

  2. سحب بعض الوحدات العسكرية من ألوية العمالقة تم – وفق المؤشرات الميدانية المتوفرة إلى حد الآن – لتعزيز الجيش الوطني في مأرب، وإسناد المعركة الوطنية هناك، وليس للتعامل مع تداعيات سيطرة الحوثيين عليها.

  3. دعم مأرب -بحسب مصادر – بوحدات عسكرية وعتاد وأسلحة مما يشير أن الخطوات الأخيرة التي قام بها التحالف هي لتدعيم المعركة في مأرب وليس العكس. 

إغلاق ملف الحرب:

ينطلق هذا التفسير من افتراض أن السعودية سحبت الجانب الأكبر من قواتها تمهيدا للتوصل إلى تسوية سياسية مع الحوثيين، بما يؤدي إلى إنهاء الصراع وإغلاق ملف الحرب، في ظل المآل الذي وصلت إليه الحرب، وتعرض السعودية لإنهاك كبير.

ومما يسند هذا الافتراض:

  1.  اشتراك السعودية مع إيران في حوار تُمثل اليمن قضيته الرئيسية.

  2. تعرض الرياض لقدر كبير من الضغوط الأمريكية والغربية، فقد جاء تخفيض القوات السعودية في أعقاب نشاط دبلوماسي أمريكي كثيف لإنهاء الحرب، فقد زار المبعوث الأمريكي الخاص باليمن “ثيموثي ليندركينج” الرياض في ذات الأسبوع الذي تم فيه تخفيض القوات، وتضغط واشنطن لرفع الحصار عن الموانئ التي تخضع لسيطرة الحوثيين، ووقف إطلاق النار.

يمتلك هذا الافتراض بعض الوجاهة، لا سيما وأن السعودية سحبت كل قواتها بشكل متزامن وكلي من المناطق المتواجدة فيها، إلا أن معطيات أخرى تعارضه، ومنها:

  1.  إن الشروط الأساسية لإنهاء الحرب لم تكتمل بعد، وعلى الأرجح فأن سحب القوات تم على خلفية مراجعة قواعد الاشتباك واعتماد استراتيجية جديدة للحرب في اليمن وليس العكس.  

  2. إن ظروف انسحاب القوات السعودية بشكل كامل لم تتوفر بعد، ولهذا فقد سارع المسؤولون السعوديون إلى نفي انسحاب قوات بلادهم، فقد أكد وزير الخارجية السعودي في 18 نوفمبر “بأن السعودية لن تنسحب، وستواصل تقديم دعم كبير لحكومة اليمن والقوات الشرعية”، ونفى المتحدث باسم التحالف “الأنباء المتداولة عن انسحاب قوات من التحالف من اليمن”، وأرجع الأمر إلى “تحرك وإعادة تموضع للقوات بناء على التقييم العملياتي والتكتيكي، وهو أمر معمول به في كافة جيوش العالم”. بحسب وصفه.

وكان السفير السعودي في لندن، الأمير خالد بن بندر بن سلطان، قد أكد في مقال نشرته صحيفة تلغراف البريطانية في مارس الفائت أن “انسحاب قوات بلاده من اليمن لن يفضيَ إلى السلام المنشود”، و “أن السعودية لا تستطيع أن تنسحب ببساطة من اليمن في الوقت الراهن، وأن انسحابها من جانب واحد لن ينهيَ الصراع” بل على عكس ذلك “قد يبدأ فصل دموي جديد، يزداد فيه عدد القتلى من المدنيين، ولن تتمكن المساعدات الإنسانية المتاح لها أن تتدفق حاليا إلى المنطقة من الاستمرار”.

تخفيف الضغوط الدولية:

ينطلق هذا التفسير من التالي:

  1.  أن السعودية ترى أن أهدافها من الحرب لم تتحقق بعد. 

  2. أن كلفة الانسحاب من المعركة قد تكون أكبر من الكلفة الناتجة عن مواصلتها.

  3. أن السعودية قامت بسحب معظم قواتها بهدف تخفيف الضغوط الدولية التي تتعرض لها، فتوسع الوجود العسكري السعودي على الأرض من شأنه أن يكثف الانتقادات الدولية لدورها في الحرب التي تسببت في أسوأ أزمة إنسانية في العالم بحسب تقارير الأمم المتحدة.

وفي مقابل سحب الجانب الأكبر من القوات السعودية سيتم إبقاء القدر اللازم من الضباط لإدارة العمليات العسكرية، مع الاستمرار في دعم الجيش الوطني والتشكيلات العسكرية الأخرى، خاصة في ظل المؤشرات على فشل الحوار الإيراني السعودي.

وفي مقابل التخفيف من الضغوط الدولية، فإن السعودية تعمل على حرف تلك الضغوط باتجاه الحوثيين، فمع أن سحب ما يسمى القوات المشتركة من تخوم مدينة الحديدة تم لأهداف عسكرية تتعلق على الأرجح بدعم الجيش في مأرب، إلا أنه وفر فرصة لإمكانية توظيف الانسحاب لممارسة الضغط على الحوثيين لتنفيذ ما يخصهم من اتفاق استوكوهم.

ونفس الأمر فإن إخراج الجانب الأكبر من القوات السعودية من جنوب وشرق اليمن يرنو كذلك الى حرمان الحوثيين من توظيف هذا الأمر في المحافل الدولية ووضعهم في وجه الضغوط الدولية.

السيناريوهات المحتملة للتفسير المرجح:

ترجح المعطيات المتوفرة كفة التفسير الثالث، والذي يرى أن دافع السعودية لسحب جانب كبير من قواتها هو التخفيف من الضغوط الدولية مع استمرارها في دعم الحرب القائمة، هذا التفسير وإن كان يستبعد إنهاء الحرب في المدى الزمني القريب، إلا أنه يشتمل على تداعيات فيما يخص العلاقة بين القوات التابعة للحكومة الشرعية من جهة والتشكيلات المسلحة التابعة للمجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات والتي يمكن أن تفضي إلى مسارات متعددة، بناء على الدور الوظيفي الذي كانت تقوم به القوات السعودية في ضبط العلاقة بين الطرفين، وهو ما يمكن بلورته في السيناريوهات التالية:

سيناريو الضبط:

وفي هذا السيناريو تدرك السعودية أنها الطرف المسؤول عن كل ما يحدث أو لا يحدث في اليمن، وأن هذه المسؤولية تقتضي منها ممارسة الضغوط على كل من المجلس الانتقالي والسلطة الشرعية بما يضمن ضبط سلوكهما، وبما يضمن توجيه كل الطاقات لمواجهة الحوثيين، واتساقا مع ذلك يلاحظ أن السعودية وبالتزامن مع سحب قواتها، استدعت عيدروس الزبيدي رئيس ما يسمى المجلس الانتقالي إلى الرياض، وعلى الأرجح فأن ذلك من أجل ضبط سلوك المجلس الانتقالي، ومنع فتح معارك جديدة له مع السلطة الشرعية والتركيز على المعركة مع الحوثيين.

سيناريو الفوضى:

يقوم هذا السيناريو على أن سحب القوات السعودية سيترك فراغا كبيرا في مناطق الصراع بين قوات الجيش الوطني التابع للحكومة الشرعية من جهة وفصائل المجلس الانتقالي، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة التنافس فيما بينها، في ظل سعي كل طرف لملء الفراغ الذي تركه سحب القوات السعودية، وامتلاك كل منها لتشكيلات وعتاد عسكري، مما قد يجرهما الى صدام دام، تدخل معه مناطق واسعة في جنوب وشرق اليمن في حالة من التشظي والفوضى والحروب الممتدة، ويمهد لرسم وتثبيت كانتونات وبؤر للسيطرة، وهو ما يصب في الأخير لصالح مشروع الحوثيين.

سيناريو المراوحة:

وفي هذا السيناريو تتدافع العوامل التي تؤدي إلى الفوضى وتلك التي تدفع نحو الانضباط، فمن المرجح أن تستخدم السعودية كل أدوات الضغط المتوفرة لديها لمنع المجلس الانتقالي والحكومة الشرعية من الاتجاه نحو التصعيد والصراع، ولكن عوامل هيكلية متمثلة في البيئة المضطربة وامتلاك الطرفين للسلاح وضعف الثقة المتبادلة بينهما ستدفع الطرفين الى حالات من التوتر وربما الصراع، وهو ما يستدعي تكثيف الضغوط من قبل الرياض، الأمر الذي يجعل العلاقة بينهما تراوح بين الهدوء والتوتر وربما الصراع الذي قد يستدعي إرسال قوات سعودية من جديد إلى اليمن.

اضغط لتحميل المادة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى