مستقبل العملية الديمقراطية والتعدُّدية الحزبية السياسية في اليمن

Getting your Trinity Audio player ready...

توطئة:

في 22 مايو 1990م، جرى الإعلان عن قيام الجمهورية اليمنية، وذلك باتِّحاد كياني الجمهورية العربية اليمنية (شمال) وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (جنوب) في كيان واحد، مِن خلال اتِّفاق وقَّعت عليه قيادة النظامين في الشطرين، بزعامة علي عبد الله صالح وعلي سالم البيض، ونصَّ على تشكيل مجلس رئاسي مِن خمسة أعضاء، ومجلس نوَّاب يضمُّ مجلسي: الشورى (شمال) والشعب (جنوب)، بالإضافة إلى (31) عضوًا يقوم بتعيينهم المجلس الرئاسي؛ وعلى أن تكون الفترة الانتقالية عامين وستَّة أشهر.

وفي 15- 16 مايو 1991م، جرى الاستفتاء على دستور دولة الوحدة، والذي نصَّ في المادَّة (4) على أنَّ: “الشعب مالك السلطة ومصدرها، ويمارسها بشكل مباشر عن طريق الاستفتاء والانتخابات العامة، كما يزاولها بطريقة غير مباشرة عن طريق الهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وعن طريق المجالس المحلِّية المنتخبة”[1]. كما نصَّ في المادة (39) على أنَّ “للمواطنين في عموم الجمهورية، بما لا يتعارض مع نصوص الدستور، الحقُّ في تنظيم أنفسهم سياسيًّا ومهنيًّا ونقابيًّا، والحقُّ في تكوين المنظَّمات العلمية والثقافية والاجتماعية والاتِّحادات الوطنية، بما يخدم أهداف الدستور، وتضمن الدولة هذا الحقَّ، كما تتَّخذ جميع الوسائل الضرورية التي تمكِّن المواطنين مِن ممارسته، وتضمن كافَّة الحرِّيات للمؤسَّسات والمنظَّمات السياسية والنقابية والثقافية والعلمية والاجتماعية”[2].

وهو ما مثَّل خطوة نحو العملية الديمقراطية والتعدُّدية الحزبية، التي جرى اعتمادها بشكل أوضح ومباشر في التعديلات الدستورية (1994م)، في المادة (5)، حيث نصَّت على أن “يقوم النظام السياسي للجمهورية على التعدُّدية السياسية والحزبية، وذلك بهدف تداول السلطة سلميًّا، وينظِّم القانون الأحكام والإجراءات الخاصَّة بتكوين التنظيمات والأحزاب السياسية، وممارسة النشاط السياسي، ولا يجوز تسخير الوظيفة العامة أو المال العام لمصلحة خاصَّة بحزب أو تنظيم سياسي معيَّن”.

غير أنَّ “قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية”، رقم (66)، صدر في وقت مبكِّر على التعديلات، وذلك في 17 أكتوبر 1991م، ما أسهم في الدفع بنشوء وتأسيس أحزاب وتنظيمات سياسية عديدة في الساحة اليمنية. وقد مثَّل قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية في تلك المرحلة مكسبًا ديمقراطيًّا وسياسيًّا للمجتمع اليمني، والنظام السياسي في اليمن، بما يخلقه مِن بيئة تنافسية حرَّة ونزيهة بين أحزاب وتنظيمات تأخذ الطابع الوطني اليمني، وتتقيَّد بالعمل السياسي السلمي لصالح تقديم برامج وأنشطة ومشاريع تخدم المصلحة العامَّة وعموم المواطنين.

غير أنَّ هذا الواقع اليمني شابته عدَّة اختلالات، ومظاهر قصور في التطبيق مِن قبل الحزب الحاكم وبقيَّة الأحزاب، ما دفع إلى انسداد الأفق السياسي ودخول اليمن في حرب شاملة عام 1994م، ثمَّ لاحقًا قيام ثورة شعبية في عام 2011م. وعوضًا عن الحفاظ على المسار الديمقراطي باعتباره مكسبًا سياسيًّا أجمعت عليه مختلف القوى اليمنية، واستكمال المرحلة الانتقالية عقب الانتهاء مِن مؤتمر الحوار الوطني الشامل (2013م/2014م)، عمدت قوى الانقلاب على وأد المسار السياسي السلمي واعتماد العنف المسلَّح كوسيلة ونهج لتحقيق الأهداف السياسية في 21 سبتمبر 2014م.

هذه الورقة تستعرض واقع المسار الديمقراطي والعمل الحزبي في اليمن منذ عام 2014م، وتستشرف مستقبل العملية الديمقراطية والتعدُّدية الحزبية في ظلِّ نتائج الصراع الذي طغى على المشهد اليمني منذ انقلاب 21 سبتمبر 2014م.

اضغط لتحميل المادة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى