الحوثيون والزيدية التطويع والممانعة

Getting your Trinity Audio player ready...

خلاصة:

في أقلِّ مِن عقدين فقط نجحت جماعة الحوثي في تحقيق حلمها في الإمساك بمقاليد السُّلطة، وتأسيس دولة ذات مرجعية دينية متطرِّفة، وخلال سعيها الدَّؤوب نحو ذلك الهدف استخدمت كلَّ الوسائل المشروعة وغير المشروعة لبلوغ مآربها. وانطلقت في مشروعها السِّياسي بغطاء ديني مذهبي، فرفعت لافتة “الزَّيدية”، ووظَّفت مضمونها السِّياسي والدِّيني لتمرير مشروعها السِّياسي وصبغه بالمشروعية الدِّينية. وانخرط الحوثيُّون مع ما عُرِف بتيَّار الإحيائية الزَّيدية، وتماهوا معه، ثمَّ اختطفوه مِن مساره الفكري، واختطفوا معه المذهب الزَّيدي برمَّته. وانخرطوا كذلك مع تيار الزَّيدية السِّياسية، ونجحوا في توظيفه لخدمة مشروعهم السِّياسي ثمَّ نحَّوه جانبًا.

كما وثَّق الحوثيُّون علاقتهم بإيران “الخميني”، وأخذوا عنها النَّهج الثَّوري، بما في ذلك “الصَّرخة” الخمينية، ولم يتردَّدوا في التَّقارب مع أيدولوجيَّتها الفكرية “الاثنا عشرية” الأكثر تطرُّفًا، بل ذهبوا أبعد مِن ذلك حين تماهوا مع سلطة “الولي الفقيه”، في جانبها الدِّيني، واعتبروا أنَّ “ولاية خامنئي هي امتداد لولاية رسول الله وعلي بن أبي طالب”. وهم بذلك يتماهون مع المشروع الإمامي الإيراني، ونظرية “الولي الفقيه” المؤسِّسة له، على أمل أن يحصلوا في المقابل على اعترافها بنظرية “الولاية” الحوثية، التي على أساسها وصلوا إلى الحكم، فتُقرَّهم عليها، وإن سياسيًّا لا دينيًّا. لقد أفسحوا لها المجال لتعمل في أوساط الزَّيدية وأوساطهم على السَّواء، ليعبر مِن خلالها الدَّعم والإسناد العسكري الإيراني إليهم.

كانت “البراغماتية” هي التي تحكم تصرُّفاتهم مع مختلف الأطراف الشِّيعية، في اليمن وخارجها؛ وقادوا بذلك قطاعًا عريضًا مِن الزَّيدية وكسبوا نصرة إيران لهم.

لم يتخلَّ الحوثيُّون عن زيديَّتهم “الجارودية”، ونظريتها السِّياسية في (الإمامة)، فقد كانت هذه النَّظرية دليلهم للمضي نحو السُّلطة، وكانوا واعين تمامًا لمخاطر نظرية “الولي الفقيه” التي حملتها عقيدة “الاثنا عشرية” الخمينية، وحرصوا على عدم إقحام أنفسهم أو مذهبهم الدِّيني “الجارودي” فيها، حتَّى لا يجدوا أنفسهم بلا مشروعية سياسية أو غطاء ديني زيدي. فنظرية “الولي الفقيه” تجعل مِنهم وكلاء لنائب الإمام الغائب في إيران، والعمل بها يُسقط المشروعية ليس عن الحوثيِّين فحسب، بل وعن كلِّ الأئمَّة الذين حكموا منذ ظهور الدَّولة الزَّيدية، وعلى هذا الأساس تمسَّك الحوثيُّون بنظرية (الإمامة) الزَّيدية، وطرحوا جانبًا نظرية (الولي الفقيه) الخمينية.

اضغط لتحميل المادة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى