دلالات الاحتفاء الشعبي الواسع بذكرى ثورة الـ26 من سبتمبر

Getting your Trinity Audio player ready...

 

مقدمة:

خلافًا للعقود السابقة، يُظهر اليمنيون اليوم احتفاءً واسعًا بالذكرى السنوية لثورة 26 سبتمبر 1962م؛ وهي الثورة التي أنهت حكم الأئمة الزيدية. والإمامة عند الزَّيدية نمط مِن الحكم يقوم على التمييز الطبقي، مِن خلال تقسيم المجتمع إلى أكثرية محكومة ومسلوبة الحقوق، وأقلية تجمعها روابط سُلالية مزعومة يكون مِن حقِّها احتكار السلطة والحكم، وفقًا لما يُسمَّى نظرية (الولاية)، التي يتبنَّاها المذهب الهادوي. وهي نظرية ليس لها أساس مِن الدين، وتتعارض بشكل صارخ مع جوهر الأديان وغاياتها ووظائفها. وقد بقيت الإمامة الزيدية تحكم أجزاء مِن اليمن لفترات زمنية متقطِّعة.

أسَّست ثورة 26 سبتمبر نظامًا جمهوريًّا عصريًّا، يستهدف القضاء على التمييز السلالي، ويحفظ لجميع المواطنين كرامتهم، ويضمن المساواة فيما بينهم. وقد واجهت الثورة في بداية عهدها الكثير مِن التحديات. وفي مقدِّمة تلك التَّحديات الحرب الأهلية التي استمرَّت حتى عام 1970م، بفعل تركة التخلُّف الثقيلة، والاستقطاب الإقليمي الذي كان سائدًا في تلك المرحلة بين النظامين المصري والسعودي.

رغبة حوثية في إلغاء ذكرى ثورة 26 سبتمبر:

كان الاحتفاء بالذكرى السنوية لثورة 26 سبتمبر، في السنوات الأولى للثورة، يُمثِّل مناسبة للتعبئة ضدَّ حكم الأئمة، والتذكير بمساوئهم، وعرض المنجزات والمكاسب التي تحقَّقت في العهد الجمهوري. ومع مضي السنوات تحوَّل الأمر شيئًا فشيئًا -كما هي بقية المناسبات الوطنية- إلى احتفاء رسمي، معزول نسبيًا عن الاهتمام والمشاركة الشعبية.

وبعد انقلاب جماعة الحوثي، بقوَّة السلاح، على السلطة الشرعية، والتوافق الوطني، استمات الحوثيون في جعل يوم اجتياحهم لصنعاء، والذي يصادف 21 سبتمبر (2014م) يومًا وطنيًا، يحلُّ محلَّ الذكرى السنوية لثورة 26 سبتمبر، وأغرقوا أيَّام اليمنيين بحشد مِن المناسبات، معظمها مناسبات مذهبية طائفية. وأحال الحوثيون تلك المناسبات إلى ذرائع لاستنزاف موارد المواطنين وجباية أموالهم؛ فما تكاد تنتهي مناسبة حتَّى تحلَّ أخرى، وفي كلٍّ مِنها يُطلب مِن التجَّار وأصحاب العقارات دفع الكثير مِن الأموال بحجَّة الحشد لتلك المناسبات.

ومع أنَّ المشروع الذي يحمله الحوثيون يُمثِّل امتدادًا لنظام الإمامة، ويتصادم بالكلِّية مع ثورة 26 سبتمبر، والأسس التي يقوم عليها النظام الجمهوري، إلَّا أنَّ الحوثيون اضطرُّوا في بداية الأمر إلى عدم تجاهل ذكرى ثورة 26 سبتمبر بالكلِّية، واحتفظوا ببعض المظاهر البسيطة للاحتفاء بها، تجنُّبًا للتَّصادم مع الكتلة الأكبر مِن الشعب اليمني. غير أنَّ الأمر تغيَّر في الفترة الأخير، فقد تناقلت وسائل الاعلام صورة مِن الأنشطة الدينية والوطنية التي اعتمدتها جماعة الحوثي، ومواعيد إقامتها، وتمَّ فيها استبعاد ذكرى ثورة 26 سبتمبر.

وتؤشِّر تلك الوثيقة -إذا ما صحَّت- إلى انتقال موقف الحوثيين المعادي لذكرى ثورة 26 سبتمبر مِن السرِّية إلى المجاهرة والعلن.

استنفار شعبي للاحتفاء بذكرى ثورة 26 سبتمبر:

شهدت السنوات الأخيرة مِن الحرب تصاعدًا مطَّردًا في الاهتمام الشعبي بذكرى ثورة 26 سبتمبر. وتزايدت مظاهر الاحتفاء الشعبي بهذه الذكرى عامًا بعد آخر. وغالبًا ما يتمُّ ذلك عبر مبادرات فردية وجماعية لا تخلو مِن الابتكار والإبداع، حاملة الكثير مِن الرسائل السياسية شديدة الأهمية.

وفي الأغلب، فإنَّ ذلك الاحتفاء تولَّد بتلقائية وعفوية، ليعكس إلى حدٍّ كبير موقف القطاع الأوسع مِن الشعب اليمني تجاه جماعة الحوثي ومشروعها السياسي.

وتتنوَّع مظاهر الاحتفاء الشعبي بذكرى ثورة 26 سبتمبر، مِن أنشطة ومشاركات الأفراد في الفضاء الإلكتروني الذي بات يمثِّل الوعاء الأكبر الذي يعبِّر فيه اليمنيون عن اتِّجاهاتهم ومواقفهم؛ أو مِن خلال مبادرات فردية واحتفالات جماهيرية في عدد واسع مِن المناطق داخل اليمن وخارجها؛ كلُّ ذلك إلى جانب الاحتفالات والفعاليات الرسمية.

زخم غير مسبوق:

مع قدوم شهر سبتمبر مِن كلِّ عام -خاصة في السنوات الأخيرة- تشهد اليمن سجالًا واسعًا بين سلطة الحوثيين والقطاع الواسع مِن الشعب اليمني، في مختلف المناطق، بما فيها المناطق الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي. ويُفتتح هذا السجال بالحشد الذي يقوم به الحوثيُّون للاحتفال بما يسمُّونه ثورة 21 سبتمبر، وهي ذكرى اجتياحهم بالقوَّة للعاصمة صنعاء. وغالبًا ما يُمثِّل هذا الأمر مصدر استفزاز قطاع واسع مِن اليمنيين.

وتشهد مواقع التَّواصل الاجتماعي حملات مضادَّة، تسم يوم 21 سبتمبر بأنَّه “يوم النكبة”، وتفنِّد دعاوى الحوثيين بأنَّها ثورة، وتُعدِّد مظاهر نكبتها على البلاد والعباد، وتُجري المقارنات بين وضع اليمن قبل وبعد هذا الحدث.

ومع اقتراب عيد الثورة اليمنية يُطلق قطاع واسع مِن اليمنيين حملة على وسائل التواصل الاجتماعي للاحتفاء بها، تحت وسم #دمت_يا_سبتمبر_التحرير؛ ويسارع الكثير مِن المواطنين، بمن فيهم المواطنون الذين يقطنون مناطق سيطرة جماعة الحوثي، إلى استبدال صور حساباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي بتصاميم تحمل وسم ثورة 26 سبتمبر، مع صورهم الشخصية، أو صور الشخصيات الوطنية التي شاركت في ثورة 26 سبتمبر، وكان لها دور في مناهضة المشروع الإمامي، أو بصور شخصيَّات ممَّن قُتِلوا في المواجهات العسكرية مع الحوثيين، في إشارة إلى أنَّهم امتداد لثوار 26 سبتمبر.

(بروفايل أحد الحسابات وقد وضع صورة الثائر محمد محمود الزبيري)

وينشط المغرِّدون بصورة لافتة في نشر أناشيد وطنية قديمة، لها علاقة بثورة 26 سبتمبر، وفي تناقل أبيات وقصائد شعرية تُمجِّد الثورة، ومِنها قصائد “أبي الأحرار”، محمَّد محمود الزُّبيري، وأخرى للشاعر عبدالله البردوني، وفي إعادة نشر لقطات قديمة عن لحظات ضرب المدفعية لـ”قصر البشائر”، الذي كان يسكنه الإمام محمَّد البدر، صبيحة 26 سبتمبر، وأخرى تظهر الالتفاف الشعبي الواسع الذي حدث حول الثوَّار في أيَّام الثورة الأولى، وصور للرُّموز الوطنية التي ساهمت في الثورة ودافعت عنها، أمثال عبدالله السَّلال (أوَّل رئيس للجمهورية)، ومحمَّد محمود الزُّبيري، والفريق حسن العمري، وغيرهم.

جمعة سبتمبرية مباركة:

غالبا ما يتبادل اليمنيون التَّهاني في يوم الجمعة، نظرًا لمكانتها الدينية بين بقية الأيام، وذلك مِن خلال إرسال رسائل جوَّال نصِّية (SMS)، أو رسائل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فردية وجماعية. وهذه الرسائل قد تكون نصوصًا مكتوبة أو قوالب وتصميمات جاهزة. وفي حالات محدَّدة يتمُّ ربط التهنئة بالجمعة بأحداث تمرُّ بها البلاد. ومع اقترب موعد ذكرى ثورة 26 سبتمبر يستغلُّ كثير مِن اليمنيين رسائل التَّهنئة بالجمعة ليضمِّنوها تهنئة بذكرى الثورة، على النحو الذي تظهره صورة التهنئة المرفقة.

إلى جانب ما سبق، غالبًا ما يشهد يوم ذكرى الثورة تبادل التَّهاني بين اليمنيين، حيث يجري تبادل رسائل التَّهنئة بذكراها على نطاق واسع، يشابه إلى حدٍّ كبير تبادل التَّهاني التي يجري تبادلها في عيدي الفطر والأضحى المباركين. وتحمل رسائل التَّهاني تلك الكثير مِن عبارات التَّهنئة وإشارات إلى القيم والمبادئ التي ارتكزت عليها ثورة 26 سبتمبر، أو المكتسبات الكبيرة التي تحقَّقت للشعب اليمني بفضلها.

مبادرات فردية:

يعمد بعض اليمنيين إلى الاحتفاء بذكرى ثورة 26 سبتمبر بطريقة فيها الكثير مِن الإبداع، والرسائل السياسية التي تؤشِّر إلى التَّمسُّك الشديد بالثورة والنظام الجمهوري وقيمها السياسية، كما لا تخل مِن موقف مبطَّن معارض لانقلاب الحوثيين، ونهجهم السياسي، ومِن ذلك:

إيقاد الشعلة في المنازل:

تفنَّن بعض المواطنين الذي يقطنون في مناطق سيطرة جماعة الحوثي في ابتكار وسائل جديدة للاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر. ومِن ذلك مبادرة شخص إلى إيقاد شعلة مصغَّرة في منزله، وهي ترمز إلى شعلة الثورة، وتصويرها، ونشرها في حساباته الشخصية في وسائل التواصل الاجتماعي؛ في إشارة إلى التمسُّك الشديد بالثورة، وارتباطهم بمبادئها، وانحيازهم للنظام الجمهوري الذي نتج عنها.

(مواطن يسكن في صنعاء قام بإيقاد شعلة في منزله ونشرها في حسابه)

الرقص في مجلس النواب:

مِن المظاهر التي برزت في الاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر قيام عضو مجلس النوَّاب، أحمد سيف حاشد، المقيم في صنعاء، بالرَّقص منفردًا في ساحة مجلس النوَّاب، بالعاصمة صنعاء، احتفاءً بذكرى ثورة 26 سبتمبر في عام 2021م. وقد أوضح “حاشد” أنَّ ما دعاه للقيام بهذا الأمر هو حضور كثير مِن أعضاء مجلس النوَّاب ومجلس الشورى احتفالًا أقامته جماعة الحوثي بمناسبة ذكرى ما يسمُّونه بثورة 21 سبتمبر، بذكرى ثورة 26 سبتمبر، وهذا ما دفعه للرقص منفردًا كتعبير عن رفضه لإصرار الحوثيين على طمس ذكرى ثورة 26 سبتمبر، لصالح ذكرى 21 سبتمبر.

عرض الفاكهة:

قام أحد باعة الفاكهة بترتيب فاكهة العنب، التي يبيعها، بما يُظهِر رقم (26)، في إشارة الى ذكرى ثورة 26 سبتمبر، على نحو ما في الصورة المرفقة.

احتفالات في المدارس:

نظَّمت مدرسة نعمة غسان، بمدينة تعز، العام الماضي (2022م)، حفلًا فنيًّا، وعرضًا للطالبات، بمناسبة الذكرى السِّتِّين لثورة 26 سبتمبر. وقد حضي الحفل بتفاعل واسع في وسائل الإعلام. وعدَّه البعض ردًّا شعبيًّا على العرض العسكري الذي أقامه الحوثيون في صنعاء، يوم 21 سبتمبر، وصورة مِن صور الرفض الشعبي لحالة التعالي لدى الحوثيين بعد فرض المجتمع الدولي لهدنة تلبِّي مطالبهم.

توقيت احتفالات التخرج بذكرى الثورة:

احتفت مؤسَّسة الشيخ حمود سعيد المخلافي رئيس المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية، لعامين متتالين في شهر سبتمبر، بتخرّج ما يزيد على الفين طالب وطالبة مِن معهد احتراف للتدريب والتأهيل، مِن أبناء أسر الشهداء والجرحى والأسرى في محافظة تعز. وقد شهد الحفل استعراض أوبريت وأناشيد وطنية وثورية.

الاحتفاء بميدان السبعين بالعاصمة صنعاء:

خروج المئات مِن المواطنين -بحسب فيديو متداول، بصورة عفوية، إلى ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء، بسيَّاراتهم، وهم يحملون الأعلام الوطنية، احتفاء بذكرى ثورة 26 سبتمبر. وهو سلوك يظهر تصاعد التحدِّي الشعبي للحوثيين ورفض سياساتهم.

إيقاد الشعلة:

أوقد شباب في مدينة إب، عشية ثورة 26 سبتمبر، الشعلة، في ساحة المركز الثقافي وسط المدينة، وفي مديرية السدَّة شرقي المحافظة، أوقد أبناء منطقة “المسقاة” شعلة الثورة التي فجَّرها علي عبدالمغني (ابن مديرية السدَّة). وبحسب مصادر إعلامية فقد أوقد مواطنون شعلة ثورة 26 سبتمبر في قمم الجبال، وأسطح المنازل، في جميع مديريات محافظة إب.

الاحتفاء التلقائي من قبل الجاليات في الخارج:

خرج شباب يمنيون مِن أبناء الجالية اليمنية في مصر، والتي تُعدُّ مِن أكبر الجاليات اليمنية في الخارج، للاحتفاء بذكرى ثورة 26 سبتمبر، في أحد الحدائق العامة بمدينة القاهرة، وشكَّلوا تجمُّعًا كبيرًا. وقد استدعى اندفاعهم الكبير وحماسهم لإظهار الاحتفال بهذه المناسبة إلى تدخُّل الأمن المصري.

احتفالات رسمية:

على المستوى الرسمي، تشهد عدد مِن المناطق اليمنية احتفالات رسمية احتفاءً بذكرى ثورة 26 سبتمبر اليمنية. وقد كان الاحتفال الرسمي في العام الماضي (2022م) الأكبر مِن نوعه، منذ سيطرة جماعة الحوثي، على السلطة، عام 2014م. فقد شهدت مدينة مأرب عروضًا لفريق الكشَّافة، والفرقة الموسيقية التَّابعة للقوَّات المسلحة، وحفلًا كبيرًا لإشعال الشعلة. وشهد يوم 26 سبتمبر عرضًا عسكريًّا هو الأكبر، بحضور عضو مجلس القيادة الرئاسي، اللِّواء سلطان العرادة، وعدد مِن الوزراء والقادة العسكريين. وبقدر ما كان الأمر تعبيرًا عن الاحتفاء بالثورة، فقد كان كذلك ردًّا عمليًّا على العرض العسكري الذي نظَّمه الحوثيون يوم 21 سبتمبر. فيما نظَّم محور تعز العسكري عرضًا عسكريًّا رمزيًّا، بشارع جمال وسط المدينة، احتفاءً بذكرى الثورة. وقد شارك في العرض وحدات رمزية عسكرية وأمنية، وسط احتفاء شعبي كبير بالمناسبة. ونظَّمت عدد مِن المحافظات والمناطق العسكرية، والسفارات والجاليات اليمنية في الخارج، فعاليات احتفالية متنوعة. وخلافًا لذلك، لم تشهد مدينة عدن مظاهر للاحتفاء الرسمي بذكرى ثورة 26 سبتمبر اليمنية.

دوافع الاحتفاء الشعبي بثورة 26 سبتمبر:

 تتعدَّد الأسباب التي تدفع غالبية اليمنين للاحتفاء الواسع بذكرى الثورة اليمنية، ومِنها:

  1. الشعور بالخطر الذي يتهدَّد النظام الجمهوري بفعل استمرار سيطرة جماعة الحوثي على عدد واسع مِن المناطق، وفرض هدنة سياسية منذ شهر أبريل الماضي، تُظهِر الحوثيين ومشروعهم وكأنَّه الطَّرف المنتصر؛ وفي المقابل تعدُّد التحدِّيات التي تواجهها السلطة الشرعية والاختلالات التي تعاني مِنها.
  2. ما يلمسه المواطنون مِن جهود للحوثيين لإلغاء ذكرى ثورة 26 سبتمبر، وتشويهها، والتعريض به، والادِّعاء بأنَّه جرى حرفها عن مسارها، وسعيهم المتواصل لوأد النظام الجمهوري، والتمكين لرؤيتهم في الحُكم، والقائمة على نظرية (الولاية) التي تمايز بين اليمنيين على اُسس سُلالية، وتحرم غالبيتهم مِن الوصول إلى المواقع القيادية في الدَّولة.
  3. التذمر من استجلاب الحوثيون لمناسبات احتفالية خاصَّة بهم، وتوجيه موارد الدولة وإمكاناتها لحشد الناس للمشاركة فيها؛ وهي في معظمها مناسبات طائفية. ومِن تلك المناسبات: الاحتفاء بيوم الغدير، وذكرى استشهاد الحسين، واستشهاد الإمام زيد، وذكرى استشهاد الإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، وذكرى مولد فاطمة، ويوم القدس العالمي (الذي سنَّه نظام الخميني في إيران)، وقدوم الهادي يحيى بن الحسين. والبعض الآخر مِنها انقسامي، مثل: يوم الشهيد، ومقتل حسين بدر الدين الحوثي.. إلخ. وغالبًا ما يخلق الاحتفاء بهذه المناسبات احتقانًا واستفزازًا لقطاع واسع مِن اليمنيين، بسبب طبيعتها الانقسامية أو الطائفية، مِن جهة، وحجم ما يُصرف عليها مِن مواردـ، مِن جهة أخرى، في الوقت الذي يعاني غالبية اليمنيين مِن البؤس والحرمان.
  4. اعتبار الاحتفاء بثورة 26 سبتمبر شكل مِن أشكال مقاومة انقلاب الحوثيين، ورفضا لسلطتهم، كم أنَّها ردٌّ شعبي على أسلوب إدارة الحوثيين للدولة، والذي يقوم على تمكين فئة بذاتها (الهاشميين) مِن المواقع القيادية العليا في الدَّولة، ومِن مواردها الحيوية، مع تهميش واقصاء غالبية المواطنين.
  5. تحوُّل جماعة الحوثي إلى سلطة جباية تستنزف أموال اليمنيين، وتسيطر على الأوعية المالية في الدَّولة والمجتمع، وترفض في نفس الوقت تسليم مرتَّبات وأجوار العاملين في الوظائف الحكومية، منذ ما يقارب سبع سنوات.
  6. ترافقت ذكرى ثورة 26 سبتمبر في العامين الأخيرين مع تنظيم الحوثيين لعرض عسكري كبير، في يوم 21 سبتمبر، في رسائل توحي بتعاليهم واستمرار اعتمادهم على القوَّة في السيطرة على البلاد، وإدارتها، وهو ما يستفز اليمنين، ويدفعهم للالتفاف بشكل أكبر حول ثورة الـ26 من سبتمبر والنظام الجمهوري.

دلالات الالتفاف الشعبي الواسع حول ذكرى الثورة:

تتضمَّن الاحتفالات الشعبية الواسعة النطاق، بذكرى ثورة 26 سبتمبر، الكثير مِن الدلالات والرسائل السياسية، ومِنها:

1- استنفار غالبية اليمنيين بشكل تلقائي للدفاع عن الثورة، والنظام الجمهوري، والتي باتت تواجه مخاطر كبيرة لا سيَّما وأنَّ الصراع مع جماعة الحوثي لا يقتصر على النزاع حول السلطة، وإنَّما يتعدَّاه للصراع حول هوية النظام السياسي والاجتماعي في البلاد، والحقوق والحريات العامة والخاصة.

2- أنَّ اتِّساع مظاهر الاحتفاء عامًا بعد آخر يؤشِّر إلى اتِّساع العزلة الوطنية والسياسية والشعبية التي تعاني مِنها جماعة الحوثي؛ وهو أمر سيكون له حضوره وتداعياته في المرحلة القادمة.

3- أنَّ الاحتفاء الشعبي الواسع يؤشِّر إلى أنَّ الصِّراع -وبغض النَّظر عن النتائج التي ستنتهي إليها الحرب القائمة- قد ينتقل في المرحلة القادمة إلى مناطق سيطرة الجماعة؛ وأنَّ الممانعة الشعبية لمشروع الحوثي، ورؤيتهم حول السلطة والحكم، وطريقة ممارستهم للسلطة، في تصاعد مستمر، ممَّا يجعل بقاء جماعة الحوثي في السلطة محاطًا بالكثير مِن التحدِّيات والمصاعب.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى