تبادل زيارات الوفود السعودية- الحوثية استجابة ظرفية أم تحول إستراتيجي

Getting your Trinity Audio player ready...

 

خاص- المخا

في ظل توقع اشتعال الحرب في الجبهات مجددًا، بعد فشل جهود تجديد الهدنة، تبادلت كل من السعودية وجماعة الحوثي بشكل مفاجئ زيارة وفود قيل إن مهمتها محصورة بمسألة الأسرى؛ حيث صرح المتحدث الرسمي باسم قوات “التحالف العربي”، تركي المالكي، بأنه تم -في 12 أكتوبر (الجاري)- تبادل زيارة وفدين من “التحالف” والحوثيين، لزيارة الأسرى لدى الطرفين، كمبادرة حسن نوايا، وضمن جهود بناء الثقة لتمديد الهدنة باليمن؛ موضحًا أن الزيارة تأتي إلحاقًا لما جرى الإعلان عنه سابقًا من قيادة القوات المشتركة لـ”التحالف” بشأن مفاوضات الأسرى في العاصمة الأردنية (عمّان)[1].

وفي تطابق ملفت، أكد مسئول ملف الأسرى بجماعة الحوثي، عبدالقادر المرتضى، عبر تغريدة على صفحته بموقع “تويتر”، في 12 أكتوبر، عن أن ما يجري من لقاءات تأتي “ضمن آلية التحقق من الكشوفات للمرحلة الأولى للإفراج عن الأسرى، والذي تم التوافق عليه في جولة عمان الأخيرة”، وذلك “للتحقق من الأسماء، ومطابقتها على الواقع، ولا علاقة للموضوع بأي نقاش أو حوار سياسي آخر”.

أثارت هذه الزيارات المتبادلة الكثير من الجدل حول هدف الرياض منها بين مَن يرى أنها توجه سعودي إستراتيجي نحو مزيداً من الانفتاح مع جماعة الحوثي، بصرف النظر عن مصالح الأطراف اليمنية الأخرى، وبين مَن يرى أنها إجراء تكتيكي تسعى السعودية من خلاله إلى امتصاص الضغوط الأممية والأمريكية بشأن إيقاف الحرب وتمديد الهدنة، خاصة أن مجلس الوزراء السعودي طالب بتصنيف جماعة الحوثي ضمن قائمة “الإرهاب” الدولية، خلال اجتماعه الأخير في 18 أكتوبر.

تحاول هذه الورقة دراسة طبيعة هذه الزيارات ورسم مساراتها المستقبلية.

السياقات الظرفية:

جاءت الزيارات المتبادلة بين الوفد السعودي ووفد جماعة الحوثي متزامنة مع عدد من الأحداث ذات الصلة، والتي من المتوقع أن يكون لها تأثيرها في مستقبل التفاهمات بين الطرفين.

هدنة معلقة:

في الثاني من شهر أكتوبر (الجاري) انتهت الهدنة الخاصة بوقف إطلاق النار، المعلن عنها في 2 أبريل (الماضي)، برعاية الأمم المتحدة، وقد رحب المجلس القيادي الرئاسي، بأهمية تجديد الهدنة، حسب تصريحات رئيس المجلس “رشاد العليمي”، أثناء لقائه بالمبعوث الأمريكي، “تيم ليندركينغ”، في الثالث عشر من أكتوبر الجاري؛ حيث أوضح العليمي ما أسماه “التزام مجلس القيادة الرئاسي والحكومة بنهج السلام الشامل والمستدام القائم على المرجعيات المتفق عليها”.

في المقابل لا تزال جماعة الحوثي رافضة قبول تمديد الهدنة، وتقدم شروطًا ومطالب جديدة للقبول بالتمديد. إذ أعلن “المجلس السياسي الأعلى”، التابع لجماعة الحوثي، رفضه لمقترح أممي بشأن تمديد الهدنة، لأنه “لا يرقى لمطالب اليمنيين” -بحسب وصفه.

وقد حمل مجلس الأمن، في الخامس من شهر أكتوبر، الحوثيين مسئولية إعاقة جهود الأمم المتحدة لتمديد الهدنة القائمة، ووصف شروطهم بـ”المطالب المتشددة لجماعة أنصار الله (الحوثيين وأنها قد تؤدي إلى “عواقب سلبية” -حسب تعبيره؛ وقد جددت جماعة الحوثي -في اليوم التالي- رفضها تمديد الهدنة، وتمسكها بشروطها المتمثلة في صرف رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين في مناطق سيطرتهم، من خزينة الحكومة “الشرعية”، على الرغم من سيطرة الجماعة على موارد الدولة، وتعهداتها السابقة بصرف عائدات موارد ميناء الحديدة للمرتبات، مقابل السماح بدخول السفن إلى الميناء. وهو ما لم توف به الجماعة لاحقًا، محتكرة واردات الدولة في تمويل الأنشطة وجبهات الحرب التابعة لها.

الموقف السعودي عبر عنه العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز، في كلمته التي ألقاها بمناسبة افتتاح أعمال السنة الثالثة من الدورة الثامنة لمجلس الشورى، عن أمله أن تؤدي الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة، تماشيًا مع مبادرة المملكة، لإنهاء الأزمة في اليمن، للوصول إلى حل سياسي شامل، وتحقيق السلام المستدام بين مَن وصفهم بـ”الأشقاء في اليمن”، مؤكدًا موقف المملكة الراسخ والداعم لكل ما يسهم بوقف إطلاق النار بشكل دائم، وبدء العملية السياسية بين الحكومة اليمنية والحوثيين.[2]

ولا تزال الأمم المتحدة، والولايات المتحدة، ودولًا غربية أخرى، تدفع باتجاه إيقاف الحرب، والبدء في إجراء عملية سياسية بهدف تحقيق السلام، مؤخرًا وفي إطار بحث جهود تمديد الهدنة وحشد الدعم لها، زار المبعوث الأممي إلى اليمن، “هانس غروندبرغ”، الإمارات العربية المتحدة، كما التقى السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر.

إضافة إلى ذلك، فقد بحث أمين عام الأمم المتحدة، “أنطونيو غوتيريش”، مع وزير الخارجية الإيراني، أمير عبداللهيان، جهود تمديد الهدنة في اليمن، ويبدو أن طهران تحاول الإستفادة من ورقة الهدنة، سواء في إطار تحقيق شروطه في المفاوضات النووية، أو الضغط على السعودية فيما يتعلق بالمفاوضات القائمة بين الجانبين.

الحديث عن تمديد الهدنة، والجهود الغربية لتثبيتها، والانطلاق نحو تسوية سياسية، ثم الزيارات المتبادلة بين الوفدين السعودي والحوثي، وإن كانت أتت في سياق الأسرى، لكنها يمكن أن تكون ممهدة لتفاهمات مباشرة بين السعودية والحوثيين، حيث يرفض الحوثيون كثيرًا التفاهم مع الحكومة الشرعية، ويصرون على التفاوض مع الرياض مباشرة.

تغييرات قيادية في مناطق تماس:

أجرى رئيس “مجلس القيادة الرئاسي” تغييرًا في قيادة محافظة الجوف، المجاورة لمحافظة مأرب، بالتزامن مع انقضاء موعد الهدنة، حيث أصدر المجلس قرارين، الاثنين الماضي، أزاح بموجبهما الشيخ أمين العكيمي[3] من منصب المحافظ وقائد المحور العسكري في المحافظة، وعيَن العميد حسين العجي العواضي[4] خلفًا له في قيادة المحافظة، برتبة لواء، كما عيَن العقيد الركن محمد عبده الأشول على رأس قيادة المحور، على أن تخضع جميع وحدات المحافظة لقيادة المحور، مع إلغاء أي تكليفات سابقة.

وقد سبق أن تحدثت مصادر إعلامية مختلفة عن وضع السعودية العكيمي تحت الإقامة الجبرية، داخل أراضيها، منذ عدة أشهر وحتى الآن، دون معرفة الأسباب؛ وهي وسيلة مارستها السعودية ضد قيادات قبلية وعسكرية وسياسية في المرحلة الماضية.

التغييرات التي تمت في محافظة الجوف، وتزامنها مع زيارة وفد جماعة الحوثي للسعودية، تحمل عدة دلالات، فقد يفهم منها أنها رسالة سعودية توحي بالاستعداد انتزاع المحافظة من سيطرة مليشيات جماعة الحوثي، في حال عدم التزامها بالهدنة، وقد يفهم منها مساعي لها علاقة بوضع محافظة مأرب.

علاقات سعودية- أمريكية متوترة:

تمر العلاقات السعودية الأمريكية بحالة من التوتر غير المسبوق، نتيجة قرار منظمة (أوبك+) بخفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل في اليوم، حيث اعترضت الإدارة الأمريكية على قرار الخفض، ورأته خطرًا على الاقتصاد الأمريكي الذي يعاني من انخفاض المخزون الإستراتيجي، وزيادة نسبة التضخم، كما رأت فيه تمردًا سعوديا وتقويضًا لجهودها في رفع الإنتاج، والسعي نحو عزل روسيا وحصارها سياسيا واقتصاديا. وقد سعت الإدارة الأمريكية لزيادة الإنتاج رغبة منها في خفض أسعار النفط لمواجهة التحديات الاقتصادية من جهة، وضرب السوق الروسية من جهة أخرى، في حين ترى دول (أوبك+) أهمية المحافظة على استقرار سوق النفط، وأن المعطيات الاقتصادية هي التي تحكم قرارات المجموعة لا الاعتبارات السياسية.

الخلاف النفطي بين السعودية والولايات المتحدة تتداخل فيه عدد من الملفات المشتركة بين البلدين، خاصة بعد فوز الديمقراطيين، إذ تصادمت توجهاتهم في المنطقة بالرؤية السعودية، بسبب تقليص الحضور العسكري الأمريكي، إلى مستوى شعرت معه السعودية برغبة أمريكية في التخلي عن تعهداتها الأمنية لحلفائها الإستراتيجيين، كما تراجعت إدارة الرئيس “جو بايدن” عن موقفها المؤيد للموقف السعودي في اليمن، واستبعدت جماعة الحوثي من قائمة “الإرهاب”، ودعت للعودة إلى الاتفاق النووي، ولوحت بفتح المساءلة تجاه عدد من ملفات حقوق الإنسان، وفرض ما يشبه العزلة الدبلوماسية على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

ولهذا، يبدو أن مستوى الثقة بين السعودية والولايات المتحدة في تراجع مستمر. في ظل ذلك ترى الرياض أنها من أكبر حلفاء واشنطن في المنطقة، وأن المحافظة على أمن المنطقة هو في الأساس محافظة على الأمن والسلم الدوليين، وتحاول في ظل هذا التوتر تأمين محيطها الإقليمي، وإيقاف التهديدات الموجهة لها، والتواصل المباشر مع إيران والكيانات التابعة لها في المنطقة، وفي مقدمتهم جماعة الحوثي بدلاً من أن تقوم إدارة بايدن بتوظيفها كورقة ضغط ضد الرياض.

المحــــددات:

تعتمد السيناريوهات المستقبلية لمخرجات الزيارات المتبادلة بين السعودية وجماعة الحوثي على عدد من المحددات المركزية من أبرزها:

1-    الضغوط الأمريكية واقتراب موعد الانتخابات النصفية:

تمارس الولايات المتحدة الأمريكية ضغوطًا متعددة على السعودية، تتعلق بتداعيات الحرب في اليمن، كما  يسعى الرئيس “بايدن” للتوصل إلى هدنة جديدة في اليمن، ولو شكلية، لتضاف إلى إنجازاته الخارجية، خصوصًا مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية النصفية في الثامن من نوفمبر القادم، وزيادة الضغط على الحزب الديمقراطي الذي يواجه ملفات ثقيلة قد تؤثر على نسبته في الانتخابات، ومن أهمها ارتفاع أسعار الطاقة والتضخم الاقتصادي، لهذا يضغط باتجاه تحقيق إنجاز جديد خارجي قد يساعده في المعركة الانتخابية القادمة. وهذه الضغوط تقود السعودية لتفاوض مباشر مع جماعة الحوثي.

2-    أزمة الطاقة وتداعياتها:

تحضر أزمة الطاقة الحالية بقوة في السياسة الغربية، في ظل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، خصوصًا بعد إعلان (أوبك+) عن خفض إنتاجها النفطي، وارتفاع أسعار النفط والغاز في الولايات المتحدة ودول أوربية أخرى؛ وهذا يتطلب إيجاد موارد طاقة متعددة، كما يتطلب تأمين طرق الملاحة البحرية لإمدادات نقل الطاقة، والتي يمثل موقع اليمن فيها أهمية حيوية. وبالتالي سيكون من الضروري إيقاف الحرب في اليمن، لتفعيل الإنتاج المحلي من النفط والغاز، والحفاظ على تأمين الملاحة الدولية وتجنيبها أي تهديد أو مخاطر قد تنشأ على خلفية الاحتقان الدولي.

إضافة إلى ذلك، أثبتت الأحداث الأخيرة أن السعودية تمتلك أوراقًا رابحة في المعادلة السياسية الإقليمية والدولية، وخصوصًا ورقة النفط، التي استطاعت تفعيلها والضغط السياسي من خلالها، كما أن الموازنة في العلاقة بين المحاور الدولية هي الأخرى قد تشكل عنصر قوة لصالح السعودية، وبالتالي قد تسهم في مقاربة الملف اليمني، بعيدًا عن الضغوط الأمريكية.

3-    حالة الاحتقان في إيران ومحيطها:

تمثل حالة الاحتقان في إيران، بدرجة رئيسة، وفي لبنان والعراق، نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وقمع الحريات وانتهاك الحقوق، وانسداد طرق الإصلاح والتغيير السياسي، في ظل هيمنة القوى الطائفية المسلحة على المشهد، دافعًا قويا لانطلاق ثورات شعبية على غرار ما شهدته المنطقة العربية عام 2011م، وهو ما بدت بوادره تظهر في إيران ولبنان والعراق، وتتصاعد شيئًا فشيئًا، مهددة السياسة التوسعية لإيران في المنطقة.

هذه الحالة قد تدفع إيران إلى تخفيف حالة الاحتقان، وخلق انفراجات مختلفة هنا وهناك، مع تحييد أطراف الصراع الإقليمي عن أي استثمار لحالة الاحتجاجات الشعبية المتصاعدة في إيران، سواء من قبل السعودية أو الكيان الإسرائيلي؛ وهو ما بدا في قبول ترسيم الحدود في لبنان، ولقاءات جماعة الحوثي مع الطرف السعودي.

موقف المجلس الرئاسي:

يظهر أن نقل السلطة من الرئيس “هادي” إلى “مجلس القيادة الرئاسي” قد أضعف جبهة السلطة “الشرعية”، إذ أن المجلس يعاني من عدم التوافق والالتئام، لخلافات قائمة بين أعضائه، ونظرًا لتردي الوضع الأمني في العاصمة المؤقتة عدن، الواقعة تحت سلطة مسلحي “المجلس الانتقالي”، الموالي للإمارات؛ وهو ما تسبب في خروج عدد من أعضائه إلى خارج عدن، وعدم تمكن المجلس من عقد اجتماعاته الداخلية.

هذا الغياب لمجلس القيادة الرئاسي عن الحضور والتأثير في المشهد، مع عجزه عن معالجة الملفات الملحة الاقتصادية والأمنية والعسكرية، مثل دفعة إضافية للسعودية -فيما يبدو- باتجاه تهميشه عن المشاركة في المباحثات التي تجريها مع جماعة الحوثي؛ وبالرغم من إقامة رئيس  المجلس الرئاسي في الرياض، لمدة ثلاثة أشهر (14 يوليو- 18 أكتوبر)، إلا أنه لم يتمكن من لقاء القيادة السعودية، عدا عن لقاء يتيم جمعه بوزير الدفاع السعودي، الأمير خالد بن سلمان، في 10 أكتوبر (الجاري)، أي قبل تبادل الزيارات بين وفدي السعودية وجماعة الحوثي بيومين فقط، وصرح بأن اللقاء تناول المستجدات والتطورات على الساحة اليمنية، إضافة إلى “الخطوات المستقبلية للتعامل مع المتغيرات المحتملة”[5]، وهي العبارة ذاتها التي قالها الوزير بعد لقائه بنظيره اليمني، وزير الدفاع، الفريق الركن محسن محمد الداعري، في 13 أكتوبر[6]، إلا أن الحكومة الشرعية لم تكن حاضرة في الزيارات واللقاءات الجارية بين السعودية وجماعة الحوثي، خاصة وأن هناك عددًا من الأسرى التابعين للحكومة الشرعية لدى جماعة الحوثي، وكان يفترض إشراكها في مباحثات الأسرى الجارية بين الطرفين.

وزير الدفاع السعودي لم يفصح عن طبيعة الخطوات المستقبلية أو المتغيرات المحتملة التي سيجري التعامل معها، ولم يسجل مجلس القيادة الرئاسي أو الحكومة الشرعية حتى اللحظة أي موقف بشأن هذا التصريح، أو اللقاءات الجارية بين السعودية وجماعة الحوثي.

السيناريوهات:

في ظل المعطيات والمحددات المشار إليها أعلاه، يمكن استقراء المسار المستقبلي للزيارات المتبادلة والمعلنة بين السعودية وجماعة الحوثي في ثلاث سيناريوهات محتملة التحقق:

أولًا: بقاء المباحثات في البعد الإنساني:

يفترض هذا السيناريو اقتصار عملية الزيارات المباشرة بين السعودية وجماعة الحوثي على ملف الأسرى فقط، مع استمرار الحالة الراهنة، وهي توقف الحرب دون وجود هدنة، مع استمرار المناوشات العسكرية والتراشق السياسي. ويرجح هذا السيناريو تصريحات المتحدث الرسمي باسم قوات “التحالف” ومسئول ملف الأسرى بجماعة الحوثي بأن الزيارة ذات طابع إنساني فقط، ووجود مسئولين عن ملف الأسرى من الطرفين في اللقاءات، والتقاء الوفود بالأسرى. كما أن هناك سوابق تبادل للأسرى بين الطرفين.

ثانيًا: الانفتاح السعودي على جماعة الحوثي:

يفترض هذا السيناريو أن الزيارات المتبادلة جاءت نتيجة مباحثات سابقة غير معلنة، جرى الاتفاق فيها على نقاط مشتركة لتغيير قواعد الاشتباك وخارطة الصراع في اليمن؛ أي أن الزيارات بداية لترتيبات قادمة ستوقم بها الرياض تهدف لإخضاع “مجلس القيادة الرئاسي” للحوار مع جماعة الحوثي لضمان مصالحها وتحقيق أهدافها من هذه الحرب، خاصة أن جماعة الحوثي عبرت مرارًا عن رغبتها في التفاوض مع السعودية مباشرة؛ ولا سيما أن التواصل بين الجانبين بعيدًا عن وسائل الإعلام لم ينقطع طوال الفترة الماضية.

ويضعف من احتمالية حدوث هذا السيناريو:

  • تخوف الرياض من تداعيات الإقدام على اتفاق من هذا النوع قد يمكن الحوثي القوة القانونية التي يعاني من فقدانها.
  • رفض طرف داخل جماعة الحوثي الانفتاح مع السعودية على حساب إيران، ولو من باب التكتيك السياسي.

ثالثًا: سعي السعودية للقيام بدور الوسيط بين الأطراف اليمنية:

يفترض هذا السيناريو أن الهدف من الزيارات المتبادلة إقناع جماعة الحوثي بتمديد الهدنة، والقبول بعملية سياسية تعمل على إيجاد تسوية مقبولة من جميع الأطراف تقودها السعودية. وهو سيناريو ترجحه تصريحات كلمة العاهل السعودي (المشار لها سابقًا)، وتصريحات المتحدث الرسمي باسم “التحالف” بشأن وجود جهود لتمديد الهدنة وتوسيع مكاسبها، وكذلك السياق الزمني الذي جاءت فيه الزيارات. وهذا يعني رغبة السعودية في الانسحاب من الصراع والانفتاح لأن تكون وسيطًا بين الأطراف اليمنية، لتضمن إدارة عمليتي الصراع والتوافق في الساحة اليمنية.

ويبدو أن هذا هو السيناريو الأرجح من بين بقية السيناريوهات المذكورة.

الخلاصة:

في ظل هدوء الاستهدافات المتبادلة بين السعودية وجماعة الحوثي خلال الفترة الماضية، ومع وجود لقاءات بينية مباشرة ومباحثات ثنائية غير معلنة، تبدو الأمور متجهة نحو وقف العمليات العسكرية أكثر منها نحو التصعيد، خاصة أن العالم الغربي يبحث عن مزيد من موارد الطاقة وتأمين خطوط نقلها، وهنا تكمن أهمية اليمن التي يمكن أن تسهم بمقدار معين من الغاز والنفط، لتخفيف وقع أزمة الشتاء القادم، وكذلك تأمين مضيق باب المندب الذي تمر منه معظم ناقلات النفط والغاز نحو الدول الأوربية. يمنيا أكد مصدر حكومي أن مجلس القيادة الرئاسي يعتزم الإعلان عن فريق خاص للتفاوض مع الحوثيين برئاسة وزير الخاجية اليمني، وهو ما يرجح أن تكون المفاوضات الجارية بين الأطراف اليمنية برعاية خليجية أممية؛ بيد أن هذه الأمر يظل مرتبطًا بموقف جماعة الحوثي.

المصادر

[1]  زيارة متبادلة لوفدين من التحالف والحوثيين بشأن ملف الأسرى ضمن جهود بناء الثقة لتمديد الهدنة باليمن، الشرق الأوسط، في: 12/10/2022م، متوفر على الرابط التالي: https://shortest.link/5Jkv

[2]  انظر: النص الكامل.. الملك سلمان يوضح سياسات المملكة داخليا وخارجيا ويوجه رسائل إلى عدة دول في خطاب للشورى، سي. إن. إن.، في: 17/10/2022م، متوفر على الرابط التالي: https://arabic.cnn.com/middle-east/article/2022/10/17/saudi-king-speech-shoura-council

[3]  يعدُّ العكيمي شيخًا قبليًّا بارزًا، وهو عضو في مجلس النُّوَّاب اليمني، وقد عُيّن محافظًا للجوف بقرار مِن الرَّئيس، عبدربِّه منصور هادي، في 12 أغسطس 2016م، ثمَّ عُيِّن في قيادة المحور في يوليو 2018م. وخاض مواجهات عدَّة ضدَّ مليشيات

الحوثي، منذ عام 2015م، وفقد بعض أبنائه في معاركه معهم؛ وساهم بشكل فاعل في استعادة السَّيطرة على المحافظة. [4] شارك في “حرب الانفصال” إلى جانب قيادة “الحزب الاشتراكي اليمني”، بقيادة علي سالم البيض، وفرَّ إلى خارج اليمن، ليقيم
في سوريا لنحو 20 عامًا. عُيِّن في منصب محافظ الجوف، في ديسمبر 2014م، بعد مرور سنتين مِن عودته إلى أرض الوطن.

[5]  وزير الدفاع السعودي يبحث مع العليمي جهود تمديد الهدنة في اليمن، الشرق الأوسط، في: 10/10/2022م، متوفر على الرابط التالي: https://shortest.link/5pBT [

6]  أوردت -وكالة الأنباء السُّعودية- أنَّ اللِّقاء بحث التَّعاون المشترك بين البلدين الشَّقيقين في المجال العسكري والدِّفاعي، وجهود الأمم المتَّحدة في تمديد الهدنة، بالإضافة إلى مناقشة “الخطوات المستقبلية للتَّعامل مع المتغيِّرات المحتملة”. انظر: خالد بن سلمان يؤكد استمرار التحالف بقيادة السعودية بدعم الحكومة والشعب اليمني، الشرق الأوسط، في: 12/10/2022م، متوفر على الرابط التالي: https://shortest.link/5FOA


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى