تطورات الوضع العسكري والأمني في اليمن خلال عام 2023

Getting your Trinity Audio player ready...

المقدمة:

يتتبع هذا التقرير التفاعلات العسكرية المختلفة، خلال عام 2023م، بين قوات الحكومة الشرعية، المعترف بها دوليا، ومليشيا جماعة الحوثي، سواء في مستوى الميدان أو مستويات التنظيم والإدارة. ويقف التقرير على التطورات الأمنية المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بأجندات هذه الأطراف، وشواغل الأمن التي تثيرها الجريمة المنظمة المتخطية للحدود الوطنية، وتنظيم “قاعدة الجهاد في جزيرة العرب” في اليمن، ممثلًا بجماعة “أنصار الشريعة”. وخلال ذلك يحدد التقرير المسارات التي تقود الوضعين العسكري والأمني في البلاد، مرفقًا بالتداعيات المحلية والخارجية ذات الصلة.

أولًا: تطورات الوضع العسكري:

تتجلى تطورات الوضع العسكري خلال عام 2023م، فيما يلي: 

  1. العنف المسلح بين الحكومة والحوثيين:

تخطى اليمن عتبة عام 2023م حاملًا معه حالة “اللا سلم واللاحرب”، بين الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، وجماعة الحوثي، الانقلابية المدعومة إيرانيا، التي أفرزتها الهدن الإنسانية (هدنة الستين يومًا)، المعلن عنها في 2 أبريل 2022م، والتي أضحت غير رسمية، لكنها مستمرة بعد آخر تمديد لها في 2 أغسطس 2022م. ورغم ما فرضته أحكام الهدنة فإن المواجهات المسلحة ظلت قائمة بين الجانبين، لكنها كانت منخفضة الحدة، ومتفاوتة بينهما؛ وقد لزمت قوات الحكومة الشرعية وضعًا دفاعيا ثابتًا، فيما ظل الوضع الهجومي سائدًا لدى مليشيا جماعة الحوثي، وتجلى ذلك في معظم مناطق التماس التي تبنتها الهدنة.

ففي محافظة مأرب، شملت المواجهات جنوبي مديرية مأرب، والمركز الإداري للمحافظة (مدينة مأرب)، وإلى الجنوب والغرب منه، في حريب، وبالقرب من معسكر “أم ريش” في الجوبة؛ وفي الغرب حيث جبهة الكسارة في صرواح، وفي شمال غرب في اتجاه رغوان. وفي محافظة تعز بالمدخل الغربي لمدينة تعز (مركز المحافظة)، ومقبنة، وماوية، والكدحة، والحيمة. وفي محافظة الحُديدة بحَيس، والجبلية في التحَيتا. وفي محافظة صعدة بباقم (محور عَلب- باقم)، وقطابر، ورازح، وشَدا، والظاهر. وفي محافظة الضالع بقطاع حَبيل يحيى- جبهة الفاخر. وفي محافظة لحج بجبل العُر بيافع. وفي محافظة إب بمُرَيس. وفي محافظة الجوف بقطاعات الريان والشهلاء وبير المرازيق، شرقي مديرية الحزم. وفي محافظة شبوة بحدود محافظة البيضاء، بوادي مرخة العُليا، وعَقَبة أمقوة في بيحان، وجبهة مخدرة في عَين. وأخيرًا عقبة ثرة- مُكيراس بين محافظتي البيضاء وأبيَن.

تجلى عنف مليشيا جماعة الحوثي تجاه القوات الحكومة الشرعية في عدة مظاهر، مثل الهجمات بالطائرات غير المأهولة (مسيرة عن بُعد)، والمدفعية، والصواريخ، وعمليات التسلل، والقَنص، والإغارات، والكمائن، والتخريب، والاستطلاع بالقوة، واستخدام العبوات الناسفة، والسيارات المفخخة. وكان التركيز فيها على مناطق التماس التي تقف خلفها مواقع حيوية، كالمدن المهمة، والحدود المشتركة بين المحافظات، أو مع السعودية، والطرقات، والتجمعات البشرية.

ظل الحوثيون يتحدثون عن هجمات مدفعية على مناطق من صعدة، زاعمين أن مصدرها الأراضي السعودية، لكنها في الحقيقة مناوشات متبادلة بين مليشياتهم وبين تشكيلات مسلحة يقودها ضباط من المحافظات الشرقية والجنوبية، ينتمون إلى التيار السلفي، وتتحكم فيها السعودية تحكمًا كاملًا، ماليا وإداريا وقياديا. وهذه التشكيلات تتموضع في محور عَلب، الذي يضم مناطق من باقم بصعدة، وتحاذي الأراضي السعودية.

وإلى ذلك، تركز جماعة الحوثي على ما يصفونها بخروقات لوقف إطلاق النار الذي تضمنه “اتفاق استوكهولم”، في نوفمبر 2018م، وهدنة أبريل 2022م، وتضمن ذلك نيران المدفعية، واستحداث الخنادق والتحصينات. وتبرُز في هذا الشأن جبهات صعدة، ولكن بترتيب متأخر في مصفوفة الجبهات المشتعلة، التي تأتي في صدارتها جبهات: مأرب، وتعز، والحديدة.

في هذا السياق، وفي حادثة غامضة، مثلت خرقًا لجانب من الحكم الأول لهدنة 2 أبريل 2022م، فيما يخص وقف الهجمات الخارجية؛ شنت مليشيا جماعة الحوثي -في سبتمبر 2023م- هجمة عنيفة بطائرة انتحارية غير مأهولة، على محطة لتوزيع الطاقة الكهربائية، ومركز للشرطة السعودية، بمنطقة جيزان، ما أسفر عن مقتل ضابطين وضابط صَف وجندي من قوات الدفاع البحرينية المشاركة في “التحالف العربي”، ومثل ذلك أول تصعيد للحوثيين تجاه السعودية، منذ الإعلان عن الهدنة.

يتضمن الشكل (6) مناطق العنف المسلح بين قوات الحكومة الشرعية ومليشيا جماعة الحوثي خلال عام 2023م.

الشكل (6): مناطق العنف بين قوات الحكومة الشرعية ومليشيا جماعة الحوثي خلال عام 2023م:

(المصدر: الباحث)

  1. العنف الموجه نحو الضباط وكبار القادة:

تعرض عدد من قادة الجيش والشرطة في الحكومة الشرعية لمحاولات اغتيال شتى، وبوسائل مختلفة، أبرزها الطائرات غير المأهولة. وتصدرت مليشيا جماعة الحوثي هذه الهجمات، تلتها القوات الحكومية في وقائع محدودة. وكان التركيز في هذه الهجمات على مواكب هؤلاء القادة، والتجمعات القتالية، والتدريبية، والاحتفالية. وكانت محافظات تعز ومأرب وعدن في واجهة هذه الأحداث. ومثالًا على ذلك، ما حصل في شهر مارس من هجوم بطائرة انتحارية غير مأهولة على موكب ضم وزير الدفاع اليمني، الفريق محسن الداعري، ورئيس هيئة الأركان العامة، الفريق صغير بن عزيز، ومحافظ محافظة تعز، نبيل شمسان، وقائد قوات الدعم والإسناد في “التحالف العربي”، اللواء سلطان البقمي، وقائد المنطقة العسكرية الرابعة، اللواء فضل حسن، أثناء سير الموكب على الطريق الرابط بين مدينة تعز والكدحة غربًا. وخلال شهر مايو، قامت طائرة انتحارية مماثلة بمهاجمة معدات تشق طريقًا ترابية بين مدينة تعز والكدحة غربًا، وصولًا إلى ميناء المخا. وقتلت طائرة مماثلة العقيد توفيق الوقار الذي شغل -سابقًا- منصب مدير أمن مديرية جبل حَبَشي، أثناء سيره على الطريق ذاتها.

في شمالي محافظة صعدة، استهدفت طائرة غير مأهولة ميدان عرض عسكري، يقع بمحور عَلب، تزامنًا مع احتفالية بالذكرى 60 لثورة 14 أكتوبر 1963م، ولحسن الحظ كان المحتفلون قد غادروا الموقع. وفي أواسط الشهر نفسه نجا رئيس هيئة الأركان العامة، الفريق صغير بن عزيز، مع مجموعة من الضباط، من هجمة بصاروخ استهدف جزيرة بَكلان، ولم تسجل أي إصابات حينها، لأن الهجمة وقعت بعد مغادرتهم الجزيرة. وفي نوفمبر، نجا رئيس هيئة الأركان العامة من محاولة اغتيال أخرى استهدفت موكبه، بين مأرب والعَبر، بواسطة سيارة مفخخة، وأُصيب خلالها ثلاثة جنود.

في جانب جماعة الحوثي، ثمة وقائع اغتيالات ووفَيَات غامضة، إلا أنه لم ترد أي إشارة إلى دور الحكومة الشرعية فيها، وهناك مَن ينسبها إلى الحوثيين أنفسهم، وأنها محصلة حسابات عنيفة، باعثها السياسة، أو المصالح المنهارة. وهناك جملة من الجرائم التي وقعت بحق شخصيات قبلية وعسكرية بارزة حاول الإعلام المناوئ للحوثيين تحميلها ما لا تحتمل. ومما لا يزال مثار جدل اغتيال اللواء عاقل علي صالح الأغربي، بمحافظة الجوف، في شهر مارس، والذي وُصف بأنه “شهيد الجبهة الزراعية”، نظرًا لدوره في الاستصلاح الزراعي لمصلحة الحوثيين. وفي الجوف كذلك، اغتيل أركان حرب المنطقة العسكرية السادسة، العميد محمد النصرة (عقيل المطري)، بكمين مسلح نُصب له بمديرية خب والشعف، أواسط شهر يوليو، وقد وصَف الحوثيون الواقعة بأنها جنائية، وخلفها عصابة تقطع.

وفي ظروف غامضة، أعلن الحوثيون عن وفاة قائد القوات الجوية لديهم، اللواء أحمد الحمزي، في شهر أغسطس، وهي على الأرجح وفاة قديمة، ذلك أن اسمه مُدرج في قوائم الإرهاب الأمريكية والسعودية، وكان قد طاولته عقوبات مجلس الأمن، في أكتوبر 2022م، وفقًا للقرار (2140/ 2014)، والقرار (2216/ 2015)، وذلك لضلوعه في أعمال تهدد السلم والأمن والاستقرار في اليمن، ومثالها: انتهاكات حظر توريد الأسلحة، وتقديم الدعم بهذا الشأن. وقد تضمن الخطاب الذي ألقاه، رئيس المجلس السياسي الأعلى، مهدي المشاط، أثناء تشييع جنازة هذا الضابط، في 6 أغسطس، وتوعد فيه “التحالف العربي” بصمود قوات جماعته، إشارات مثيرة للجدل بشأن طبيعة الوفاة؛ أما بيان النعي فقد عزا الوفاة إلى مرض عضال.

ويلخص الشكل (7) استهدافات طالت شخصيات قيادية من الجانبين عام 2023م.

الشكل (7): استهداف شخصيات قيادية لدى أطراف الحرب عام 2023م:

(المصدر: الباحث)

في سياق آخر للعنف الموجه نحو الضباط وكبار القادة، لا تزال المحاكمات العسكرية مستمرة لدى طرفي الصراع؛ حيث استدعت نيابة المنطقة العسكرية المركزية بصنعاء، في 10 سبتمبر 2023م، قائمة من الضباط، بتهم “الالتحاق بصفوف معسكرات دول العدوان السعودي الإماراتي، وتسهيل دخول القوات المعادية إقليم الجمهورية اليمنية”. وكان من ذلك “القضية الجنائية رقم (1) لسنة 1445هـ ج: ج المتهم فيها اللواء الركن، رويس عبدالله مجور، وآخرون، عدد 331”.

تُعد هذه المحاكمات حربًا ناعمة على مَن يقع تحت طائلتها، وذلك لما يترتب عليها من آثار مادية ونفسية، خاصة تلك التي تصدرها محاكم الحوثيين؛ لأنها وإن لم تتمكن من الأشخاص أنفسهم، فإنها تطال ممتلكاتهم بالحجز أو المصادرة أو الاثنين معًا، إضافة إلى أثرها في مواقف بعضٍ من هؤلاء، ممن لديهم أقارب يقيمون في مناطق سيطرة جماعة الحوثي.

ومما يُمكن استنتاجه بشأن العنف المتبادل بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي أن الهجمات التي شنها كل طرف جاءت في سياق إظهار حالة الاستعداد القتالي لأي تهديد، ولبعث رسائل قوية نحو الداخل والخارج. أما مناطق التماس الأكثر عنفًا فكانت في مأرب وتعز والحديدة.

بالنسبة إلى تعز، كان واضخًا أن الهدف من تركيز أعمال العنف تجاهها هو إحكام الحصار على مركزها الإداري، ومحاولة عزلها عن محيطها، باختراق منفذها الغربي والوحيد. حيث تتمركز مليشيا جماعة الحوثي في ثلثي المناطق القريبة من المنفذ، عند وادي حذران، والربيعي، والهَان بالقُرب من الكَدَحة، وفي الزهيب بمنطقة مَقبَنة؛ لذلك يعني وصولهم إلى طريق الكدحة إغلاقه تمامًا، أو السيطرة النارية عليه من المناطق المحيطة به، وتعطيل حركة الأفراد والسلع إلى مدينتي المخا والتربة بتعز، وامتدادهما إلى محافظتي لحج وعدن.

وبشأن التركيز على مأرب، فذلك لأنها تمثل جغرافيا الطاقة (الغاز والنفط)، والبوابة الواسعة للنفوذ نحو محافظتين نفطيتين هما شبوة وحضرموت (الوادي والصحراء)، ومن ثم محافظة المهرة، حيث الحدود مع عُمان والسعودية. وهذا التركيز، يفسر أبرز الشروط الإضافية التي يطرحها الحوثيون لتمديد الهدنة، واستئناف عملية السلام، وهي في مضمونها إصرار على تقاسُم عائدات النفط، لدفع رواتب موظفي جهازهم الإداري، المدني والعسكري والأمني. والحوثيون -بذلك- يدركون أن اقترابهم من المحافظات الشرقية يثير حساسية أمنية لدى السعودية، مع ما تثيره -في الشأن ذاته- محاولة استفرادهم بمحافظات الجوف وصعدة وحجة التي تقع جميعًا على الحدود مع السعودية، وهذا ما يجعل من مأرب هدفًا وورقة تفاوضية في آن واحد.

  1. العنف في بين أطراف الشرعية:

مع دخول يناير 2023م، استأنف المجلس الانتقالي الجنوبي، الانفصالي والمدعوم إماراتيا، محاولاته للوصول عسكريا إلى محافظتي حضرموت والمهرة، معتمدًا على ما حققه من سيطرة عسكرية وأمنية على محافظات عدن وسقطرى والضالع، وأقل من ذلك في محافظات أبين وشبوة ولحج. ثم تأجلت المحاولة لتأخذ شكلًا أوضح منتصف العام ذاته، عقب تعيين عُضوَي مجلس القيادة الرئاسي، فرج البحسني وعبدالرحمن المحرمي (أبو زُرعة)، نائبين لرئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، في رئاسة هذا المجلس، الذي أُعيد تشكيل هيئة رئاسته في مايو 2023م. حيث حاول هؤلاء، عبر أدوار متبادلة، الدفع بعناصر مسلحة إلى الجزء الشمالي من حضرموت، لكنهم واجهوا ممانعة سعودية مسنودة بمراكز قبلية محلية، وبقوات المنطقة العسكرية الأولى، المنخرطة فعليا تحت قيادة الحكومة الشرعية.

في المقابل، أخفقت محاولات تمكين القوات المعروفة بـ”درع الوطن”، التي يقودها العميد بشير سيف غُبَير (المضربي)، والموالية لرئيس مجلس القيادة الرئاسي، د. رشاد العليمي، في التمركز بمناطق من ساحل حضرموت، بجانب قوات النخبة الحضرمية، التي تأسست عام 2016م، وقويت شوكتها خلال فترة قيادة اللواء فرج البحسني للمنطقة العسكرية الثانية، وفي فترة توليه قيادة محافظة حضرموت إضافة إلى منصبه العسكري، خلال الفترة (يونيو 2017م- يوليو 2022م). وتُعد هذه المحاولات والإصرار عليها مؤشرًا على أنها قد تتكرر، ما يُرشح وقوع عنف أكبر بين الجانبين، إذ إن الهدف من إنشاء قوات “درع الوطن” إضعاف القبضة العسكرية للمجلس الانتقالي في مناطق نفوذه، ووقف تمدده، وخلق توازن في معادلة القوة بين أعضاء المجلس، الذين تتنافس على كسب ولاءاتهم المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.

إلى ذلك، شهدت مدينة عتق (مركز محافظة شبوة)، خلال ديسمبر 2023م، مواجهات مسلحة بين “ألوية العمالقة” التي يتزعمها عضو مجلس القيادة الرئاسي، عبدالرحمن المحرمي، وقوات دفاع شبوة التي تخضع لمحافظ شبوة، عوض بن الوزير العولقي. وكان دافعها التنافس على مناطق استخراج النفط، والمناطق التي يُنقل عبرها إلى مينائي قنا والنشَيمة (بير علي)، ومرافق تصديرها، خاصة منشأة بلحاف الغازية. وقد احتويت الأزمة بين الطرفين سريعًا، لكنها قد تتكرر مستقبلًا.

ومما تكشف عن هذه الأحداث، أنه بالرغم من التفاف قادة القوات المنحازة للمجلس الانتقالي حول مشروع انفصال جنوب البلاد عن شمالها إلا أن ثمة تعارضات سياسية صارخة حول كيفية ذلك، فضلًا عن التعارضات الفكرية التي تهدد مجتمعة هذا المشروع، ويعزز ذلك ارتهان هذه القوات وقادتها لإرادات خارجية، حاكمها التمويل المالي. لذلك يُفهم من تصارع هذه القوات على مناطق النفط أنه سعي واضح للتحرر من الهيمنة الخارجية.

  1. تطوير القدرات وتعزيز التدريب:

أظهرت أطراف الصراع ديناميكية عالية في مجال بناء قدراتها العسكرية والأمنية، وتجلى مستوى ما وصلت إليه في هذا الشأن أثناء تدشين المرحلتين الأولى (يناير- يونيو) والثانية (يوليو- ديسمبر)، من العام التدريبي 2023م، وأثناء الاستعراضات العسكرية في المناسبات الوطنية والخاصة، والتي انتهزها كل طرف لإظهار قوته، والتباهي بها، وتوجيه رسائل تهديد من خلالها، وبدا ذلك كما لو أنه سجال استعراضي. ولعل مما جعل مليشيا جماعة الحوثي وأسلحتها التي استعرضت بها، تثير جدلًا محليا وخارجيا، أنها بدت على نحو كثيف ومتطور، ما يعني استفادتهم القصوى من هدنة أبريل 2022م، واستغلالها في هذا الشأن، لا سيما قدراتهم البشرية، إلا أنها مثقلة بالأطفال، وتضم عددًا كبيرًا ممن لا تنطبق عليهم معايير الخدمة العسكرية، إضافة إلى الطابع الشعبوي لها، فهي -عمومًا- قوات تعبئة استعراضية.

وقد أقام الحوثيون نحو ثماني استعراضات بالقوات والأسلحة، خلال عام 2023م، في معظم مناطق سيطرتهم، ومثال ذلك، ما أُقيم بمدينة إب في 23 يونيو، وفي صنعاء في 21 سبتمبر، وفي البيضاء في 14 أكتوبر، بحضور رئيس المجلس السياسي الأعلى، مهدي المشاط، الذي بلغت به الثقة في قوات جماعته أن قال، في محفل بمدينة الحديدة، خلال شهر سبتمبر: إن القوة الصاروخية قادرة على ضرب أي هدف، في أي مدينة بدول التحالف (السعودية والإمارات).

كان واضحًا، خلال استعراض جماعة الحوثي بالمليشيا المسلحة التابعة لها، أو المسير بها مسافات طويلة بين المدن، والمناورات (المشروعات) التكتيكية، حرص الحوثيين على إظهار حجم قدراتهم البشرية، والتسليحية الثقيلة والمتوسطة. وقد أبرزوا خلالها قدراتهم المدفعية، بما فيها المدفع “غاتلنغ”، عيار 20 (M61 Vulcan)، والصواريخ الباليستية (كصاروخ طوفان، أرض- أرض)، والصواريخ المجنحة “كروز” (كصاروخ قُدس)، والطائرات المسيرة متنوعة الأغراض (كطائرة “صَماد- 3″، وطائرة “وعيد”). ويتراوح مدى هذه الأسلحة جميعًا بين (900كم- 2500كم)؛ إضافة إلى قدراتهم البحرية، كالزوارق والألغام البحرية.

تُعد الطائرات الحربية النفاثة، والطائرات المروحية (هليكوبتر)، المستجد الأبرز في قدرات الحوثيين العسكرية والمادية. فقد رُصد منها نحو خمس طائرات تحلق في مناطق نفوذهم، بعد غيابها معظم سنوات الحرب، مثل الطائرة المروحية التي ظهرت أثناء اختطافهم السفينة “جالاكسي ليدر”، شمالي سواحل الحديدة، وهي تحط على ظهر هذه السفينة في 18 نوفمبر. كما أظهرت عملياتهم البحرية تجاه الشحن -أواخر عام 2023م- امتلاك زوارق تُستخدم في المطاردة، إلا أن تسليحها قاصر على الأعيرة الخفيفة والمتوسطة. أما قدراتهم الصاورخية البحرية فبدت الأقوى. ومما استحدثه الحوثيون في القوات البحرية قاعدة بحرية متواضعة التسليح في جزيرة كمران، قُبالة ميناء الصليف، بالحُديدة.

وضاعف الحوثيون جهودهم في مجال التدريب أكثر من أي وقت مضى، وأظهروا نتائجه عبر الاستعراضات العسكرية، وتخريج الدفعات المتخصصة، لا سيما في استخدام الطائرات غير المأهولة، فضلًا عن تنفيذ المسير الطويل على الأقدام بين المدن. كذلك المناورات التكتيكية، ومنها المناورة البحرية التي أُجريت قبالة جزيرة كمران، في 13 أبريل، و”طوفان الأقصى” الذي أُجري في الجوف، بالقرب من الحدود السعودية، في 30 أكتوبر. فضلًا عما أظهره التدريب في سلاح الجو ودفاعاته، كما في نشاط الطائرات النفاثة، والطائرات المروحية، وإسقاط طائرة دون طيار أمريكية من طراز “إم كيو (رايبر)”، جنوبي البحر الأحمر، في نوفمبر 2023م.

في جانب الحكومة الشرعية، لا يبدو أن ثمة تطورًا مماثلًا في القدرات العسكرية، البشرية والمادية، على نحو ما أظهره الحوثيون، خاصة الطيران النفاث والطيران المروحي والطيران المسير والصواريخ، ذلك أن معظم هذه التقنيات لا تزال مغيبة. أما القوات البحرية، فكان “التحالف العربي” قد دعم الحكومة الشرعية في تكوين التشكيل البحري المتمركز في ميدي والمخا، إلا أن قدرات القوات البحرية -عمومًا- لا تزال شحيحة، خصوصًا تشكيلات القطاع البحري الممتد من باب المندب حتى الحدود البحرية مع عُمان. وتقوم قوات خفر السواحل بدور أمني بارز قبالة السواحل اليمنية، انطلاقًا من ارتباط بعض منها بوزارة الداخلية، والارتباط المؤقت لبعض منها بالقوات المتمركزة بالساحل الغربي، ودورها في جَسر حيز من الفجوة الناشئة عن غياب الدورين العسكري والأمني للقوات البحرية.

وفي مسعى لإعادة بناء الجيش، أصدر رئيس مجلس القيادة الرئاسي، د. رشاد العليمي، في 29 يناير 2023م، قرارًا بإنشاء قوات “درع الوطن”، لتُمثل معادل قوة أمام نظرائه في هذا المجلس، ثم أصدر عددًا من القرارات التي تترجم توجهاته نحو عملية إعادة تكامل القوات المسلحة، وفقًا لأحكام إعلان نقل السلطة إلى المجلس في 7 أبريل 2022م، وإسناد هذه العملية إلى اللجنة العسكرية والأمنية والعسكرية المشتركة، لتحقيق الأمن والاستقرار. والواقع أن اللجنة لا تزال جهودها منحصرة في إطار الإعداد النظري، رغم مرور عامين، تقريبًا، على تشكيلها. وفي السياق ذاته، استُحدثت هيئة للعمليات المشتركة، وأُعيد تشكيل هيئة العمليات الحربية، وقيادة المنطقة العسكرية الثانية، وإسناد منصب نائب رئيس هيئة الأركان العامة إلى اللواء أحمد البصر سالم. وفي وزارة الداخلية كُلفت قيادة جديدة لكلية الشرطة بمدينة المكلا، وثمة معالجات إجرائية تجاه منتسبيها السابقين من الضباط، إضافة إلى ضباط سابقين في الجيش.

أما القدرات البشرية، فثمة تركيز ملحوظ على الكفاءة أكثر من الكم لدى قوات “درع الوطن”، وقوات “المقاومة الوطنية” (حراس الجمهورية سابقًا)، يليها “ألوية العمالقة”، وقوات الدعم والإسناد، وبعض وحدات الجيش في مأرب. وشمل بناء القدرات إقامة المنشئات التدريبية والتعليمية الأكاديمية، في كل من عدن ومأرب وتعز. حيث افتتح، خلال شهر يوليو، الكلية الحربية بعدن، وأُقر البدء باستئناف كلية الطيران والدفاع الجوي بمأرب. وفي ديسمبر افتُتح مقر الأكاديمية العسكرية العليا بعدن.

ولدى الحكومة الشرعية برامج تأهيل محلية وخارجية، برز أثرها بوضوح خلال عام 2023م، ومن أمثلة التدريب المحلي: تخريج الدورة التاسعة التأهيلية للضباط بمأرب، ودورات الصاعقة تحت إشراف هيئة التدريب والتأهيل بوزارة الدفاع. أما الابتعاث الخارجي، فتستوعبه دول عدة، من بينها دول الخليج العربي ومصر والأردن والسودان، وهذه الأخيرة كانت الأكثر استيعابًا للمبتعثين العسكريين، إلا أن ذلك توقف منذ أبريل 2023م.

ما يمكن استخلاصه بشأن بناء القدرات وتعزيز التدريب أن أطراف الحرب -دون استثناء- تواجه تحديات كبيرة في مجالي بناء القدرات وتعزيز التدريب، إلا أن القوات الحكومية تبدو أكثر معاناة، لأن الحوثيين يعوضون ذلك بالتهريب، وإعادة تأهيل ما لديهم من قدرات أُعطبت أثناء الحرب. وهناك أثر واضح لاستمرار الدعم العسكري الإيراني، عبر “فيلق القدس”، التابع للحرس الثوري الإيراني، والفواعل العنيفة دون الدول، مثل “حزب الله” اللبناني، فضلًا عن جماعات التهريب الإقليمية. فقد سُجلت وقائع عديدة لاعتراض شحنات أسلحة في البحر عبر السفن الحربية الدولية، خاصة الأمريكية، خلال عام 2023م، صادرت منها الولايات المتحدة نحو مليون طلقة ذخيرة بندقية آلية، لمصلحة الجيش الأوكراني.

إلى ذلك، ارتبط تسليح أطراف الحرب بأجندات الحلفاء الإقليميين، مع السماح بهامش ضيق للإرادة الداخلية لكل طرف. فلم تتمكن القوات الموالية -حصرًا- للحكومة الشرعية من الحصول على الأسلحة التي تُحدث فارقًا إستراتيجيا أمام قوة جماعة الحوثي لصالح التشكيلات المسلحة المنضوية -شكليا- تحت قيادة وزارة الدفاع بهذه الحكومة.

بالنظر إلى الأجندة السعودية فإنها تقوم على أن القوات اليمنية الممتدة على حدودها، وأي قوة في اليمن عمومًا، يجب أن تظل تحت مستوى القدرة على خلق التهديد؛ لذلك لم تُمكن القوات الحكومية من بلوغ مستوى ما كانت عليه من القوة، قبل تدخل “التحالف العربي” عام 2015م، والذي دمر أحدث الأسلحة وأقواها، وشتت ما تبقى منها بين أطراف الحرب، إضافة إلى إبقاء بعض من القوات تحت سيطرتها المباشرة، كحال القوات المنتشرة في صعدة. أما الإمارات فبدت القوات التي تدعمها أفضل في القدرات من القوات المنخرطة فعليا في هياكل وزارة الدفاع بالحكومة الشرعية، والقوات اليمنية المتمركزة على الحدود الشمالية الغربية مع السعودية، في محافظتي صعدة وحجة، والتي تخضع للسعودية خضوعًا كاملًا.

وضمن هذه الأجندات تبرز الأجندة الإيرانية ودورها في تعزيز قدرات الحوثيين العسكرية، عبر مصادر خارجية مختلفة، وبأسلحة متنوعة، برًا وبحرًا وجوا، وفي مجالات التدريب وتبادل المعلومات، بما يجعل الحوثيين القوة الأبرز بين مختلف قوى الصراع، وذلك من منطلق صراع الأجندات بين إيران والسعودية والإمارات.

في السياق، تبرز أجندة الولايات المتحدة في دعمها للقوات الحكومية، حيثُ تركز على قوات مكافحة الإرهاب، وقوات خفر السواحل، في سبيل مواجهة التنظيمات الإرهابية، وحماية ممرات الشحن البحري قبالة السواحل اليمنية، وذلك ما لوحظ على تحركات مسئولي السفارة الأمريكية في المناطق الساحلية الجنوبية والشرقية، وتعزيز التدريب لهذه القوى.

ثانيًا: تطورات الوضع الأمني:

شهد اليمن خلال عام 2023م شواغل أمنية مختلفة، بعضها مرتبط بحسابات أطراف الحرب، والبعض الآخر مرتبط بالتفاعلات المحلية، المجتمعية، والأحداث الإقليمية.

  1. الأمن ضمن حسابات أطراف الصراع:

نسلط الضوء في هذا السياق على الاغتيالات والجرائم المتصلة مباشرة بالصراع، ومناشط الجريمة المنظمة، خصوصًا تهريب الأسلحة والمخدرات والاتجار غير المشروع فيهما.

  • الاغتيالات:

شهدت مدينة تعز جرائم مختلفة، عدها البعض ذات صلة مباشرة بالصراع الدائر في البلاد، مثل مقتل الأكاديمي بجامعة تعز، العميد الدكتور عبد الله القيسي، نهاية يناير 2023م، واغتيال الموظف في برنامج الغذاء العالمي، مؤيد حميدي (أردني الجنسية)، في يوليو، واغتيال العضو في فريق التحقيق بشأن عملية الاغتيال هذه، النقيب في جهاز الأمن السياسي، عدنان المحيا، ومحاولة اغتيال عضوٍ آخر في الفريق نفسه، وهو رئيس أركان اللواء 35 مدرع، العقيد محمد الجائفي، خلال شهري أغسطس وأكتوبر على الترتيب. وفي يوليو، كان قد اغتيل القيادي في حزب التجمع اليمني للإصلاح، الشيخ علي محمد الحيسي، أثناء مروره بمدينة المخا، واغتيل النقيب في قوات الأمن الخاصة، صلاح العمراني، أمام منزله، بمدينة تعز.

  • الخلايا التخريبية:

في هذا السياق تأتي جرائم التخريب ذات الطابع المنظم التي ثُبت وقوف أجهزة مخابرات الحوثيين وراءها، ومنها خلايا التخريب التي كُشف عنها في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية عام 2023م، على نحو ما يتضمنه الجدول (5) تاليًا.

الجدول (5): أبرز الوقائع الأمنية المتصلة بحسابات الحوثيين العسكرية:

مالواقعةالمكانالزمانالمنفذون
1إحباط مخطط لاغتيال محافظ مأرب، سلطان العرادة، قُبيل عيد الأضحى.مأربيوليوأفراد محليون ممن يُعرفون بالأشراف
2الإيقاع بخلية تخريب تزامنًا مع ذكرى ثورة 26 سبتمبر 1962م.صرواح- مأربسبتمبرأفراد محليون ممن يُعرفون بالمهمشين
3الإيقاع بخلية تفجيرية في ذكرى أحداث ديسمبر 2017م.المخاديسمبرأفراد محليون
4الإيقاع بخلية تجسس على القوات المشتركة ومحور الحُديدة.الساحل الغربي (التهامي)ديسبمبرأفراد ينتمون إلى مقبنة- تعز

(المصدر: من اعداد المركز)

لعل مما تشير إليه الوقائع السابقة أن مُزامنتها المقصودة لمناسبات احتفالية، وطنية أو دينية أو سياسية، واتفاقها في اختيار التوقيت مع الهجمات ذات الطابع العسكري التي شنها الحوثيون على قوات الحكومة الشرعية، وقد سبق الإشارة إليها في معرض الحديث عن حالة العنف المسلح بين الجانبين. كذلك، نجد اعتماد الحوثيين في عملياتهم التخريبية على مَن ينتمون إلى مناطق تنفيذ هذه العمليات، مستغلين الضغائن الهوياتية، العرقية والمذهبية، والوضع الاقتصادي السيئ، والتمييز بين شرائح مجتمعية بعينها، كحال المهمشين الذين أطلق الحوثيون عليهم مُسمى “أحفاد بلال”، نسبة إلى الصحابي بلال بن رباح، وذلك نظرًا إلى سُمرة بشرتهم.

كذلك النشاط التخريبي، فإنه عادة ما يصاحب الحروب، وطبقه الحوثيون حرفيا، فقد بدا متركزًا في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، خصوصًا في تعز ومأرب، وخلت مناطق الحوثيين منه. ويُعد هذا السلوك وسيلة من وسائل فرض الإرادة السياسية، الأمر الذي يتوافق مع عقيدة العنف التي تتحكم في جماعة الحوثي. أما الغياب المقابل لهذا السلوك لدى الحكومة الشرعية فقد يكون سببه عجز أجهزتها الأمنية المعنية بهذا الشأن، أو قناعة القادة العسكريين والأمنيين بسوء ذلك مهما بلغت فوائده، وهذا الأخير ما عبر عنه عضو مجلس القيادة الرئاسي، قائد “المقاومة الوطنية”، العميد طارق محمد عبد الله صالح، الذي عاب على الحوثيين ممارسة السلوك التخريبي، وتعمدهم الإضرار بالأعيان والأشخاص المدنيين. وهذا الموقف في واقعه يحتاج إلى مراجعة؛ لأن التخريب في أرض العدو وسيلة حربية قديمة فاعلة الأثر في تركيعه، وتزداد وجاهة هذا السلوك إذا ما نأى عن المدنيين، ومصالحهم المشروعة.

  • تهريب الأسلحة والمخدرات:

أبرزت مناشط الأجهزة الأمنية في الحكومة، والكيانات الأخرى المسلحة، مدى حجم تهريب الأسلحة، والاتجار غير المشروع فيها، سواء تلك التي تُهرب إلى مناطق الحوثيين، أو التي تهرب -أحيانًا- إلى الجوار الإفريقي، وعلى رأسها الصومال. وقد سُجل زهاء عشرين واقعة إحباط تهريب شحنات أسلحة، ومواد متفجرة، عبر المنافذ البرية والبحرية الخارجية، واحتلت محافظة المهرة المرتبة الأولى، وجاءت في الثانية عدن، وفي الثالثة تعز ولحج، وفي الرابعة وحضرموت.

ويُبين الجدول (6) أبرز وقائع تهريب الأسلحة التي أُحبطت خلال عام 2023م.

الجدول (6): أبرز وقائع تهريب الأسلحة والمعدات العسكرية التي أُحبطت خلال عام 2023م:

مالواقعةالمكانالزمان
1إحباط تهريب 100 محرك لطائرات مسيرة.منفذ شحن، المهرة23 يناير
2إحباط تهريب 25 بندقية آلية “جي. ثري”، و32 خزنة ذخيرة، و30 صفيحة ذخيرة، و21 ناظورًا.تعزفبراير
3ضبط 200 طائرة مسيرة مع كاميرات مراقبة، و4 قواعد إطلاق قذائف مضادة للدبابات، مع 15 قذيفة، و200 أسطوانة أكسجين غوص، ومعدات تنفس واتصالات.عدنفبراير
4ضبط 5 أطنان من مواد كيميائية سائبة، وقطع غيار خاصة بأسلحة رشاشة، وطائرات مسيرة، وأجهزة بصرية.البريقة، عدن22 فبراير
5ضبط 54 طائرة مسيرة.منفذ شحن، المهرة12 مارس
611 كبينة لتغذية وتنظيم محطات شبكات اتصالات (PAELTA) وتوابعها.منفذ شحن، المهرة17 مايو
7قطع مكونة لطائرات مسيرة. نقطة الحديد، طور الباحة، لحج 5 يونيو
8ضبط شحنة مكونة من 40 صندوقًا تحتوي على مسدسات غلوك.منفذ شحن، المهرة23 يونيو
9إحباط تهريب 4 أطنان من المواد الأولية لإنتاج وقود الصواريخ.عدن10 يوليو
10ضبط شاحنة على متنها 100 ألف طلقة بندقية رشاشة، و 30 ألف صاعق، وكمية من البندقيات والمسدسات. منفذ رأس عمران، غربي عدن16 يوليو
11إحباط تهريب أجهزة تشويش طائرات غير مأهولة، داخل 20 صندوقًا.منفذ شحن، المهرة22 أكتوبر
12ضبط شحنة أسلحة وذخائر، وكمية من مخدر الحشيش، على متن زورقي صيد.ساحل محافظة تعز، المخا23 ديسمبر
13إحباط تهريب 45 صندوقًا، لطائرات غير مأهولةـ، وتقنيات وأجهزة تجسس.نقطة دفيقة، الشحر، حضرموتديسمبر

المصدر: من اعداد المركز

من جانب آخر، يمثل تهريب المخدرات والاتجار فيها نشاطًا ذا صلة مباشرة وغير مباشرة بالحرب، حيث أخذ خلال عام 2023م حضورًا منافسًا للعام السابق 2022م، الذي ضُبط فيه نحو (8) أطنان منها. فقد أحبطت أجهزة الأمن الحكومية نحو سبع محاولات تهريب مخدرات من مختلف الصنوف، وأحبطت أجهزة الأمن لدى الحوثيين عشر محاولات. وتركز معظم هذه المحاولات في المنافذ الخارجية الرابطة بين اليمن ودولتي عُمان والسعودية، وداخليا عند الحدود الفاصلة بين مناطق نفوذ الحكومة والحوثيين، أو داخل هذه المناطق. وبالطبع لم تخل الإثارة الإعلامية المصاحبة لهذه الوقائع من تعريض واضح لكل طرف في الصراع تجاه الآخر، سواء بالإشارة إلى أنها كانت في طريقها إلى مناطق نفوذ خصمه، أو بالقول إنها تمثل موردًا ماليا له، أو أنها أحد الأدوات الناعمة للحرب الناشبة.

  • تدفق المهاجرين غير الشرعيين معضلة متعددة الأوجه:

تمثل موجات الهجرة غير الشرعية القادمة من القرن الإفريقي قضية أمنية متعددة الأوجه، نظرًا إلى مناشطهم غير المشروعة التي تمس الأمن الاقتصادي والاجتماعي للبلاد، مثل المضاربة بالعملات الأجنبية الصعبة، والاتجار غير المشروع في المخدرات والأدوية والأسلحة، وتوالي وقائع العنف المنظم فيما بينهم، كما حدث في عدن بين المهاجرين الإثيوبيين، خلال شهري أغسطس وسبتمبر، أو العنف المتبادل بينهم وبين السلطات المحلية، أو مع المجتمع وفئاته التي تتخذ موقفًا معينًا من الهجرة غير الشرعية.

ويؤطر هذا كله ضَعف إمكانيات السلطات في التعامل مع موجات الهجرة والمخدرات، وتداعياتهما، سواء كان الضعف في الإمكانيات المادية، أو التنظيم القانوني لها، خاصة الهجرة غير الشرعية، والاتجار في البشر. وفي التنظيم القانوني هناك مَن يشير إلى الخلط بين مفهوم الهجرة غير الشرعية والاتجار في البشر، ما سبب إرباكًا في التعامل معهما.

كانت المنظمة الدولية للهجرة قد قدرت عدد مهاجري دول القرن الإفريقي إلى اليمن، خلال النصف الأول من عام 2023م، بنحو (77,130) فردًا، وذلك بزيادة واضحة عن العام السابق، حيث قدر عددهم بنحو (73,233) فردًا. ولم يُعثر على تقديرات للنصف الثاني من عام 2023م؛ إلا أن المنظمة قدرت أن العدد سيبلغ الضعف، نظرًا إلى استفادة جماعات التهريب من موجات الهجرة المتصاعدة من جيبوتي والصومال، وأن تدابير العودة الطوعية التي تنفذ برعاية منظمة الهجرة ليست ذات أثر بالغ، لأنها لم تُسفر عن إعادة سوى (1,418) فردًا، وفي الوقت ذاته بلغ عدد الوافدين من المهاجرين غير الشرعيين خلال شهر يونيو نحو (10.800) فرد.

  1. الأمن البحري وهجمات الحوثيين:

أثار الحوثيون شواغل أمنية مختلفة في البحر الأحمر، خلال عام 2023م، حاولوا من خلالها إجبار السفن على الابتعاد عن ميناء عدن، والموانئ اليمنية في البحر العربي (حضرموت وشبوة)، لحرمانها من شحن النفط الذي تصدره الحكومة الشرعية، وأحيانًا دفعها للتوجه نحو ميناء الحديدة. وتعاظم نشاطهم هذا في شهر أغسطس، عندما استخدموا كيانًا مجهولًا، عرفته هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية بأنه كيان ينتحل صفة آلية الأمم المتحدة للتحقيق والتفتيش في اليمن، التي فرضها مجلس الأمن الدولي. وقد يكون القصد سفينة “بهشاد” الإيرانية الراسية قُبالة سواحل إريتريا، أو ربما المركز الإقليمي البحري لتبادل المعلومات، بصنعاء، المنشأ وفقًا لمدونة سلوك جيبوتي لمكافحة القرصنة على السفن لعام 2009م، والتي تضم (20) دولة من دول البحر الأحمر وخليج عدن وغربي المحيط الهندي.

وعلى إثر “عملية طوفان الأقصى”، التي نفذتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بغلاف قطاع غزة، في 7 أكتوبر 2023م، والعمليات العسكرية العدوانية الإسرائيلية المضادة لها، الموسومة بـ”السيوف الحديدية”، شن الحوثيون عدة هجمات على ميناء إيلات شمالي خليج العقبة، ضمن ما يُسميه الحوثيون “معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس”، وكانت أول هجمة في 19 أكتوبر؛ وضمت وما تلاها من هجمات صواريخ “كروز” وصواريخ “باليستية”، وطائرات مسيرة أحادية الاتجاه. ولم يُعلن الحوثيون عن هذه الهجمة، وأخرى ثانية، في وقتيهما، وإنما مع هجمة يوم 31 أكتوبر التي وصفوها بالثالثة من نوعها.

في اتجاه آخر، نقل الحوثيون تهديداتهم نحو الشحن التجاري في البحر الأحمر وخليج عدن، حيث اختطفوا السفينة التجارية “غالاكسي ليدر”، مع طاقمها المكون من (25) بحارًا، شمالي ميناء الحُديدة، في 19 نوفمبر. تلا ذلك هجماتهم بالمقذوفات النارية على السفن التجارية المملوكة للحكومة الإسرائيلية، أو لرجال أعمال إسرائيليين، وما يرتاد الموانئ الإسرائيلية من سفن، أيا كان عَلَمها (جنسيتها)، إلا أن سفن البحريتين الأمريكية والبريطانية نجحت في اعتراض مُعظم المقذوفات. وكان وزير الدفاع الأمريكي، “لويد ج. أوستن الثالث”، قد كشف، في 19 ديسمبر، عن أن إجمالي ما أطلقه الحوثيون من مقذوفات بلغ نحو (100) مقذوف، تضمنت طائرات مسيرة، وصواريخ باليستية، وأصابت نحو (10) سفن تجارية تابعة لأزيد من (33) دولة، إضافة إلى خطفهم السفينة “غالاكسي ليدر”.

على نحو غير مسبوق، هاجم مسلحون حوثيون، على متن أربعة زوارق صغيرة، السفينة المملوكة للدانمارك “ميرسك هانغتشو”، والتي كانت ترفع عَلَم سنغافورة، في 31 ديسمبر، جنوبي البحر الأحمر، بعد حوالي 24 ساعة من تعرضها لهجوم سابق، بصاروخ باليستي. وتمكنت البحرية الأمريكية من الاشتباك معهم، وإغراق ثلاثة زوارق، مع عشرة مسلحين، فيما لاذ الزورق الرابع بالفرار. وقد بلغ إجمالي هجمات الحوثيين على السفن حتى آخر يوم من عام 2023م نحو (30) هجومًا.

اكتنف هجمات الحوثيين غموض وجدل كبيرين، سواء بشأن حقيقة أهدافها، أو محدودية أضرارها؛ فمن جانب الأهداف أعلن الحوثيون أنها نصرة لفلسطينيي غزة الذين تعرضوا لحرب إسرائيلية شعواء، تدعمها الولايات المتحدة وبريطانيا، في ظل خذلان عربي وإسلامي، وثمة مَن ربط هجمات الحوثيين بتوقف جهود السلام في اليمن، عند هدنة 2 أبريل 2022م، إذ عادة ما يحاول الحوثيون عند أي حراك في عملية السلام التأثير في مصالح الدول دعمًا لاشتراطاتهم التفاوضية، وكان البحر الأحمر هذه المرة مجالًا فاعلًا لهذا التأثير. وكان مما أُثير، على نطاق واسع، أن الأمر مرتبط بتصاعد النقمة الشعبية تجاه الحوثيين، جراء الأوضاع الاقتصادية السيئة، والأداء الضعيف لحكومتهم غير المعترف بها. أما ضآلة الأضرار المادية والبشرية الناشئة عن تهديدات الحوثيين في البحر، حتى نهاية عام 2023م، فتشير إلى محدودية قدراتهم التهديدية أمام تفوق القدرات الدفاعية المقابلة، وقد تكون مخاوفهم من التداعيات الكارثية سببًا في تحاشي الإضرار البالغ في السفن.

في جانب الولايات المتحدة، ظلت استجابتها، حتى نهاية عام 2023م، قائمة على أسلوب الدفاع الوقائي، مع استغلال الوقت لتكوين قاعدة بيانات عن مصادر التهديدات، وتشديد الرقابة على إمدادات الأسلحة التي يُشار إلى وقوف إيران وراءها. وقد بدأت البحرية البريطانية مشاركتها غير المباشرة في العمليات الدفاعية، وشاركت مع الولايات المتحدة في حشد نحو عشرين دولة، ضمن تحالف “حارس الازدهار” المتعدد الجنسيات، والمعلن عنه في 19 ديسمبر، لكن دون مشاركة أي دولة عربية، سوى البحرين كونها تستضيف مقر قيادة الأسطول الأمريكي الخامس، والقيادة المركزية للبحرية الأمريكية.

  1. استئناف الصراع مع أنصار الشريعة “تنظيم القاعدة”:

افتتحت جماعة “أنصار الشريعة”، وهي أحد تجليات “تنظيم القاعدة”، عام 2023م، بخطاب لزعيهما خالد سعيد باطرفي، الذي نشرته مؤسسة الملاحم الإعلامية التابعة للتنظيم، في فبراير من العام نفسه. وقد عرض فيه التحديات أمام الجماعة، وأثرها في تماسكها، وفاعلية أدائها، واستعطف القبائل اليمنية لدعم جماعته، متذرعًا بما يحاك تجاه اليمن من مؤامرات -على حد وصفه. وجاء هذا الخطاب عقب مقتل المسئول عن صناعة المتفجرات في الجماعة، حسان الحضرمي (حسين هدبول)، مع اثنين من أشقائه، بواسطة طائرة أمريكية مسيرة، في وادي عَبيدة بمأرب، نهاية يناير 2023م. وقد تعاظمت هذه التحديات بالاستهدافات المتواصلة لعناصر الجماعة؛ حيث اغتيل رئيس مجلس الشورى فيها -وأحيانًا يوصف بالمسئول الإعلامي- حمد بن حمود التميمي (سعودي الجنسية)، مطلع شهر مارس، بصحراء مأرب، ثم اغتيل في الشهر ذاته، أبو مصعب الجعدني (ناصر علي صلاح)، الذي يُعد أحد أخطر عناصرها الميدانية.

كانت قوات الحزام الأمني، وقوات الدعم والإسناد، التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، قد بدأت المرحلة الثانية من عمليتها العسكرية الموسومة بـ”سهام الشرق”، في يناير 2023م، وتركزت هجماتها على معاقل “أنصار الشريعة” في وادي عومران بمديرية مُودية، ووادي الخيالة بمديرية المحفد في أبين. ثم انخرطت في العملية قوات حكومية من محور أبين، وأخرى تابعة لوزارة الداخلية؛ وأصبح مُسمى “القوات المشتركة”، توصيفًا جامعًا للقوات المنخرطة في هذه العملية. وفي سياق المواجهة بالمثل، أطلقت “أنصار الشريعة”، في سبتمبر 2022م، مُسمى “سهام الحق” على عمليتها الموجهة نحو هذه القوات، أثناء جولتها الأولى.

وفي محافظة شبوة، شنت قوات دفاع شبوة هجمات متفرقة على عناصر “أنصار الشريعة” المبعثرة في عدة مديريات، استكمالًا لمواجهات عام 2022م؛ وتعرضت هذه القوات لخسائر عديدة في الأفراد والآليات، في مدينة عَتَق (مركز محافظة شبوة)، وخَورة بمديرية مَرخة السلفي، والمصينعة بمديرية الصعيد، والصفراء بمديرية عُسَيلان. وقد تمكنت الأجهزة الأمنية في شبوة من الإيقاع بخلية تابعة لـ”أنصار الشريعة”، وفرت معلومات بشأن حصولها على طائرات مسيرة انتحارية من أشخاص ارتبطوا -سابقًا- بجماعة الحوثي، واستخدمتها في المواجهات.

ويبرز الجدول (7) النشاط العنيف لـ”أنصار الشريعة” خلال عام 2023م.

الجدول (7): أبرز العمليات العنيفة لأنصار الشريعة تجاه القوات الحكومية:

مالواقعةالمكانالزمانالطريقة
1قتل ثلاثة جنود من قوات دفاع شبوة.نقطة الفراء بمديرية عُسيلان.14 مارسهجوم مسلح
2اغتيال قائد الكتيبة الثالثة بقوات الحزام الأمني في دلتا أبين، فوزي شايف البكري (الردفاني).قرية البقيرة، مديرية مُودية.29 أبريلعبوات ناسفة
3قتل جنديين، وإصابة ثلاثة آخرين من قوات دفاع شبوة.ثكنة عسكرية في المصينعة بمديرية الصعيد.11 يونيوهجوم مسلح
4مقتل خمسة جنود، وإصابة أربعة آخرين، من قوات الحزام الأمني، فرع أبين.وادي عومران، مديرية مودية.1 أغسطسهجوم مدفعي
5محاولة استهداف منشأة بلحاف الغازية، في ساحل شبوة.على بعد 2.5كم من محطة بلحاف الغازية.5 أغسطسهجوم صاروخي
6اغتيال قائد الحزام الأمني فرع أبين، العميد عبداللطيف محمد السيد با علوي.وادي عومران، مديرية مودية.10 أغسطسعبوات ناسفة
7قتل أربعة جنود، وإصابة ثلاثة آخرين، من قوات دفاع شبوة.المصينعة، بمديرية الصعيد.24 سبتمبرهجوم مسلح
8محاولة اغتيال قائد قوات الأمن الخاصة في عدن وأبين، اللواء فضل عبدالله باعش.جعار، أبين.2 أكتوبرعبوة ناسفة

(المصدر: من اعداد المركز)

من الواضح أن عملية “سهام الشرق” مثلت غطاءً لفرض إرادة سياسية جديدة في محافظتي أبين وشبوة، ويمثل هذه الإرادة المجلس الانتقالي الجنوبي، وقيادة محافظة شبوة، وفقًا لأجندة استحواذية تطيح بنفوذ قوات الجيش والأمن التابعة للحكومة الشرعية، والقضاء على حزب “التجمع اليمني للإصلاح” ووجهاء القبائل وخطباء المساجد من المناوئين للمجلس وتوجهاته.

من جانب آخر، تبادلت جماعة “أنصار الشريعة” الأسرى مع الحوثيين، وأطلقت عبر وساطة محلية سراح محتجزين أجانب، حيث أفرجت -في 11 أغسطس 2023م- عن خمسة من موظفي الأمم المتحدة سبق أن اختطفتهم في محافظة أبين، قبل حوالي عام.

  1. الجريمة والحوكمة الأمنية المتعثرة:

ألقت تداعيات الحرب، والهدنة الهشة، بظلالها على الوضع الأمني بمؤثراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ حيث برزت على نحو غير مسبوق جرائم القتل والانتحار والحرابة والسرقة وجرائم الآداب. وليس بالوسع قياس فروق تلك الجرائم بين مناطق نفوذ الحكومة الشرعية وبين مناطق نفوذ جماعة الحوثي، نظرًا إلى ندرة المعلومات بشأنها، إلا أن من الواضح أن ثمة حضور مشترك لمختلف هذه الجرائم لدى الجانبين، رغم التعاون المشترك القائم بين أجهزة أمن السلطتين، وفي الحدود المتاحة لهذا التعاون.

ففي جانب الحكومة، بلغت الجرائم المبلغ عنها خلال عام 2023م نحو (16,532) جريمة جنائية، ضبط منها نحو (10,479) جريمة. وتبرز التحديات التنظيمية والتشغيلية في واجهة المعضلات المعوقة لحوكمة الأمن، فلا تزال وزارة الداخلية تعمل من مقرها الاستثنائي في سيئون بمحافظة حضرموت، منذ مايو 2021م؛ بفعل سيطرة قوات المجلس الانتقالي على مرافق هذه الوزارة في عدن، كغيرها من المرافق الحكومية الأخرى، وما يترتب على ذلك من فجوات اتصال وتعاون أمنية، تتيح للجريمة العمل بكل أمان.

وكان مما اتخذته وزارة الداخلية، كخطوة على طريق تنظيم وتحديث المعلومات المتعلقة بالمواطنين، وتفكيك هيمنة الحوثيين عليها، قيامها بإصدار البطاقة الشخصية وفقًا للرقم الوطني، وذلك ابتداءً من نهاية نوفمبر 2023م، ما من شأنه تسهيل الوصول إلى الجناة، وبما يعزز من الجهود الأمنية التي تبذل في المنافذ الدولية للبلاد.

من جانبهم، حاول الحوثيون إبداء الصرامة تجاه قضايا أمنية بعينها، ما أفضى إلى أحكام بالقصاص، والرجم، والصلب، وقطع الأطراف. فعلى سبيل المثال: حوكم (13) شخصًا، نهاية عام 2023م، بتهمة المثلية الجنسية، وصدرت الأحكام بشأنهم مطلع عام 2024م. وكان تقرير نصفي لعام 1447ه، أصدرته وزارة الداخلية بسُلطة صنعاء التابعة لجماعة الحوثي، قد كشف عن ضبط نحو (3.426) جريمة، بينها خلايا إجرامية، وجرائم سرقة، واتجار في المخدرات، والتزوير، والجريمة الإلكترونية.

الخاتمة:

في السياقين العسكري والأمني، لم يكن عام 2023م مقطوع الصلة بسابقه، فقد مثل امتدادًا له، إلا من أحداث جديدة محدودة ارتبطت بمتغيرات إقليمية ودولية، اشتبكت مع العالم، وليس مع اليمن فحسب، ومن ذلك هجمات الحوثيين على خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن، والتي ارتبطت بتداعيات عملية “طوفان الأقصى” بغزة. وبالرغم من أن هذه الهجمات حصلت في الثلث الأخير من عام 2023م، ولا تزال مستمرة حتى عام 2024م، إلا أنها احتلت صدارة الأحداث جدلًا وتحليلًا.

وبالعودة إلى المجريات الأخرى، فقد ظل العنف المتبادل بين قوات الحكومة الشرعية وبين مليشيا جماعة الحوثي في حالة منخفضة وفقًا لهدنة 2 أبريل 2022م، وتخلل ذلك خروق متواصلة للهدنة، ونشاط دؤوب في بناء القدرات وتعزيز التدريب بمختلف مجالاتهما، حيث أظهر الحوثيون تفوقًا على أقرانهم من القوات المسلحة في جانب الحكومة الشرعية، والتي تواجه تحديات بنائية عديدة تقف وراءها حالة التفكك الهيكلي والتنظيمي، المشدود إلى تطلعات مزعومة، أبرزها انفصال جنوب البلاد عن شمالها، أو إلى طموحات جيوسياسية أجنبية، عينُها على جغرافيا النفط، واقتصاد الموانئ.

كما تبدى الوضع الأمني مرتبطًا، مثل غيره من المجالات، بمجريات الصراع، وتداعياتها السياسية، والاقتصادية، وحوكمة الأمن. فقد أُخذ الأمن إلى حيث يجري الصراع، والشواغل الأمنية لديناميات العنف، مثل “تنظيم القاعدة”، أو جماعات الجريمة المنظمة التي تنشط في مجالي التهريب والاتجار غير المشروع في الأسلحة، والمخدرات، والبشر أو تهريب المهاجرين.

المصادر

  حُددت مدة الهدنة بنحو ستين يومًا، لكن عمرها يقترب من العامين بحلول 2 أبريل 2024م، دون توافق رسمي على تمديدها الثالث، في 2 أكتوبر 2022م.

  بعض مما ورد تجده في: التقرير النهائي لفريق الخبراء المعني باليمن، المنشأ عملا بقرار مجلس الأمن (2140/ 2014)، مجلس الأمن، في: 2/11/2023م، متوفر على الرابط التالي:

https://bitly.ws/UxUW
انظر:

Continued Violations During 2023, Relief Web, 11/1/2024, accessed 28/2/2024, at:

https://bitly.ws/3eUXc

  مصدر ميداني، في 22/10/2023م. وكان الحوثيون قد شنوا هذه الهجمة ضمن أول هجمة لهم بالصواريخ والطائرات غير المأهولة، على ميناء إيلات وأم الرشراش بفلسطين المحتلة في 19 أكتوبر، ولم يكشفوا عنها إلا أثناء هجمات شهر نوفمبر.

  انظر: “AHMAD AL-HAMZI”، مجلس الأمن، في: 5/10/2022م، متوفر على الرابط التالي:

https://bitly.ws/3eUXr

إعلان قضائي: 331 متهمًا من المرتزقة مطلوبون للمثول أمام نيابة المنطقة العسكرية المركزية، 26 سبتمبر نت، في: 10/9/2023م، متوفر على الرابط التالي:

https://bitly.ws/3eXvz

  تتمركز هذه القوات -حاليا- في عدن وشمال غربي حضرموت. انظر: قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي بإنشاء قوات درع الوطن، سبأ نت (وكالة الأنباء اليمنية التابعة للشرعية)، في: 29/1/2023م، متوفر على الرابط التالي:

https://bitly.ws/U3nU

  وُقف على ذلك في مصادر عدة. انظر: صواريخ ومسيرات.. تعرفوا إلى ترسانة الحوثيين العسكرية بمواجهة إسرائيل، التلفزيون العربي، في: 19/11/2023، متوفر على الرابط التالي:

https://bitly.ws/37avq

  كان مشهد هبوط المروحية تمثيليا، حيث صُور المشهد بعد اختطاف السفينة، وأُشيع أنه وقع خلال عملية الاختطاف. انظر: مشاركة الطيران الحربي في عرض العيد التاسع من ثورة 21 سبتمبر- فلاشة، الإعلام الحربي، في: 23/9/2023، متوفر على الرابط التالي:

https://bitly.ws/3eUZq

  شملت المعالجات القضايا الخاصة بالمبعدين عن وظائفهم، في المجالين العسكري والأمني، بالمحافظات الجنوبية، التي صدرت بشأنها قرارات لم تستكمل منذ عام 2013م. انظر ذلك ونحوه في الموقع الرسمي لفخامة الرئيس د. رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، على الرابط التالي: 

https://bitly.ws/3eUZx

  وزير الدفاع يشهد حفل تخرج الدفعة التاسعة تأهيل ضباط بمأرب، رئاسة مجلس الوزراء، في: 17/3/2023م، متوفر على الرابط التالي:
https://bitly.ws/3eUZC

  انظر:

Noah Robertson, “US sending seized Iranian munitions to Ukraine”, Défense News, 4/10/2023, accessed 13/2/2024, at:

https://bitly.ws/3eUZK

 انظر:

– اعترافات خلية إرهابية حوثية جديدة مهمتها إثارة الفتنة بين قبائل مارب الجيش والأمن، قناة الفضائية اليمنية (التابعة للشرعية)، في: 3/9/2023م، متوفر على الرابط التالي:

https://bitly.ws/3eUZX

– الكشف عن خلية تخابر لمليشيات الحوثي في الساحل الغربي، سبأ نت، (وكالة الأنباء اليمنية التابعة للشرعية)، في: 28/12/2023م، متوفر على الرابط التالي: 

https://bitly.ws/3eV27

للمزيد، انظر: كلمة العميد طارق صالح خلال لقائه مدراء مكاتب الأوقاف والإعلام في مديريات الساحل الغربي، وكالة خبر اليمنية، في: 5/2/2023م، متوفر على الرابط التالي:

https://bitly.ws/3eV2n

  بالرجوع إلى عدة مصادر، من بينها:

– إحباط تهريب 100 محرك لطائرات مسيرة في طريقها إلى الحوثيين، الشرق الأوسط، في: 23/1/2023م، متوفر على الرابط التالي:

https://bitly.ws/3eV2s

– ضبط أجهزة تشويش مسيرات في المهرة.. مَن يقف وراء عمليات التهريب للحوثيين؟، وكالة خبر اليمنية، في: 28/10/2023م، متوفر على الرابط التالي:

https://bitly.ws/3eV2x

– شحنات الموت في 2023م.. ضربات موجعة لشرايين الحوثي، العين الإخبارية، في: 25/12/2023م، متوفر على الرابط التالي:

https://bitly.ws/3eV2H

  شحنات الموت في 2023م.. ضربات موجعة لشرايين الحوثي، العين الإخبارية، مرجع سابق.

  البحرية البريطانية تحذر من كيان يوجه السفن بالتوجه لميناء الحديدة، وكالة خبر للأنباء، في: 8/9/2023م، متوفر على الرابط التالي:

https://bitly.ws/3eV33

  تهديدات الحوثيين على جانبي مضيق باب المندب وتداعياتها العسكرية والأمنية، علي الذهب، مركز المخا للدراسات الإستراتيجية، في: 13/12/2023م، متوفر على الرابط التالي:

https://bitly.ws/3eV37

  انظر:

Readout of Secretary of Défense Lloyd J. Austin III’s Virtual Conference on Red Sea Maritime Security, U.S. Department of Défense, 19/12/2023, accessed 12/2/2024, at:

https://bitly.ws/36ykF

 معترفًا بضعف التنظيم.. خالد باطرفي يستعطف القبائل لنصرة القاعدة في اليمن، أخبار الآن، في: 14/1/2023م، متوفر على الرابط التالي:

https://bitly.ws/3eV4T

الأمم المتحدة ترحب بإطلاق سراح خمسة من موظفيها في اليمن، أخبار الأمم المتحدة، في: 11/8/2023م، متوفر على الرابط التالي:

https://news.un.org/ar/story/2023/08/1122737

تقرير.. تعز تتصدر المحافظات المحررة في معدل ضبط الجريمة خلال 2023م، موقع وزارة الداخلية (التابعة للحكومة الشرعية)، متوفر على الرابط التالي:

https://bitly.ws/3eYqA

  خلال النصف الأول العام 1445ه.. الإدارة العامة للبحث الجنائي وفروعها في المحافظات تحقق إنجازات أمنية في ضبط الجريمة والحد منها (إحصائيات)، الإعلام الأمني (التابعة لسلطة جماعة الحوثي)، رجب 1445هـ، متوفر على الرابط التالي:

https://bitly.ws/3eYJ2


مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى