السياسات الاقتصادية السعودية تجاه اليمن في ظل الحرب
Getting your Trinity Audio player ready... |
الملخص تنفيذي
تمثل المملكة العربية السعودية أحد أهم الفاعلين الإقليميين والدوليين في اليمن، ويرجع ذلك بطبيعة الحال إلى الأهمية الجيوإستراتيجية لليمن بالنسبة للسعودية ولمنطقة الخليج والجزيرة العربية على حد سواء؛ حيث كانت المساعدات والقروض الميسرة، إلى جانب فتح سوق العمل السعودي أمام اليمنيين، أحد أهم السياسات الخارجية السعودية في إدارتها للملف اليمني خلال العقود الماضية. ومع سيطرة الحوثيين على السلطة في العاصمة صنعاء، وانتقال الرئيس والحكومة إلى عدن، ونشوب الحرب الأهلية اليمنية، انخرطت السعودية منذ مارس 2015م في الحرب الدائرة في اليمن، وتسببت هذه الحرب في نتائج اقتصادية واجتماعية وإنسانية كارثية بالنسبة لليمن واليمنيين. وخلال سنوات الحرب انتهجت الرياض سياسات مستجدة مثل إعادة الإعمار التي يتولاها البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، والذي يعمل تحت إشراف السفير السعودي في اليمن، وزيادة الودائع النقدية لدى البنك المركزي اليمني الرامية إلى تعزيز الاستقرار الاقتصادي والحفاظ على قيمة العملة المحلية.
مثلت سياسة استيعاب العمالة اليمنية في السعودية أهمية كبيرة لليمن، نظرًا لأهمية تحويلات المغتربين لدى الأسر اليمنية، ولدى الحكومة اليمنية، على حد سواء. ومع بداية الحرب انتهجت الرياض سياسات مرنة لاستيعاب العمالة اليمنية، خاصَّة تلك التي كانت متواجدة في السعودية بطريقة غير نظامية؛ وبخلاف ذلك اعتمدت سياسات ظالمة وغير عقلانية وشديدة القسوة تجاه اليمنيين المقيمين في أراضيها، اضطرت الكثير مِنهم لترك الاراضي السعودية التي أمضوا عمرهم فيها، والعودة إلى اليمن، أو البحث عن دولة أخرى للعيش فيها، مما زاد من معاناتهم، ووسع من حجم المأساة الإنسانية التي يعيشها اليمنيون.
فيما كان لسياسات تمويل التنمية وإعادة الإعمار أثر محدود على التنمية في اليمن، ويرجع ذلك إلى تشتت المساعدات المقدمة على مشاريع كثيرة في قطاعات متعددة، مثل الكهرباء والتعليم والصحة والطرق والموانئ والمطارات والزراعة والصناعة وغيرها من القطاعات؛ فضلًا عن كون أغلب المشاريع التي تم تنفيذها مشاريع صغيرة وذات أثر تنموي واقتصادي محدود، كما لم تتمكن الودائع النقدية لوحدها من إيقاف التراجع في قيمة العملة الوطنية. أما في الجانب الإنساني، فقد مثلت السعودية أحد أهم الداعمين للعمل الإنساني في اليمن، وجاءت في المركز الثاني من بين الدول المانحة.
الحقت الحرب أضرارا بالغة بالبُنية التحتية اليمنية، التي تم تدمير قطاع غير قليل منها، والكثير منها تم تدميره دون مبرر يذكر، وإلى جانب ذلك انتهجت الرياض سياسة الحصار الاقتصادي الشامل، وتغاضت عن سيطرة الإمارات العربية المتحدة على الموانئ والمطارات اليمنية، ومنعت الحكومة اليمنية من عائدتها المالية، وهو ما ساهم في حرمانها من العملة الصعبة، وقلص من خياراتها في التعامل مع أزمة العملة الوطنية، وشارك في ارتفاع الأسعار وتكاليف المعيشة، وأضحت السعودية يومًا بعد آخر تفقد التأييد والدعم والمساندة من اليمنيين، كما أنها لم تتمكن من منع وصول الأسلحة إلى الحوثيين.
مع أهمية السياسات الاقتصادية التي تبنتها السعودية تجاه الاقتصاد اليمني، إلا أنها كانت غير كافية وغير فعالة بما فيه الكفاية، ويتطلب الأمر توجيهها نحو القطاعات اليمنية الأسرع تعافيا ونشاطا من الناحية الاقتصادية، وبصورة تسهم في تعزيز جوانب التكامل الاقتصادي بين اليمن السعودية، وتعزيز البنية المؤسسية الحكومية ودعم الاستقرار الاقتصادي في اليمن، فضلًا عن أهمية العمل على توسيع آليات استيعاب العمالة اليمنية في السعودية ومنحها المزيد من الامتيازات والتفضيلات.