الحوثيون والشراكة السياسية المحدد الفكري والممارسات العملية

Getting your Trinity Audio player ready...

مقدمة:

تعيش اليمن في الوقت الحاضر معضلة عويصة، محورها الأساسي جماعة الحوثي، ولا تتمثَّل تلك المعضلة في تمرُّدها على سلطة الدولة، وشنِّها حروبًا ضدَّها كما هو الحال خلال الفترة (2004م- 2010م)، ولا على التَّمرُّد الذي قادته على السُّلطة الشَّرعية، واستيلائها بقوَّة السَّلاح على مؤسَّسات الدَّولة في العاصمة صنعاء وعدد مِن المحافظات في سبتمبر 2014م، ولا على انقلابها على التَّوافقات الوطنية الجامعة التي تضمَّنتها مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشَّامل (18 مارس 2013م- 25 يناير 2014م)، ولا على جرِّها اليمنَ إلى حرب داخلية وتدخُّل عسكري خارجي لا زالت رحاها تطحن اليمنيِّين حتى اليوم (يناير 2023م)، وإنَّما على أسُّ ذلك ومصدره، ونعني به نظرتها إلى السُّلطة، وتصوُّرها لنظام الحكم.

فنظرة جماعة الحوثي للسُّلطة وتصوُّرها للحكم يستند إلى منظور اعتقادي ديني خاصٍّ بها، راسخ لديها، وإلى التزام مذهبي عتيد بأحقيَّة فئة اجتماعية (مَن يُطلق عليهم الهاشميُّون) بالحكم، وتحوُّلهم إلى طبقة سياسية حاكمة في مقابل بقية الشَّعب الذين يمثِّلون -مِن وجهة نظرهم- طبقة محكومة، وإلى الأبد.

لقد أعاد هذا الاعتقاد الذي تبنَّته جماعة الحوثي اليمن إلى مرحلة الاستقطاب المذهبي، كما كان عليه في الماضي، وانزلق بالبلاد إلى هاوية حرب داخلية، وتدخُّل خارجي (منذ مارس 2015م، وحتى اليوم). والأكثر مرارة مِن ذلك، أنَّها توفِّر الأسباب والظُّروف لصراع ممتدٍّ وطويل.

ذلك التَّصوُّر يؤطر لأمور كثيرة؛ مِنها رؤية الحوثيين للحياة السِّياسية والشَّراكة الوطنية، ونمط علاقاتهم مع بقيَّة القوى السياسية والمكوِّنات الاجتماعية، وهي رؤية تقوم على ما تتصوُّره حقَّها المقدَّس في العلو والانفراد بالسُّلطة، واقتناعها بأنَّ ذلك يستوجب النِّضال والقتال، بل والتَّحايل والمخاتلة.

وبين أيدينا دراستين، أولاهما بعنوان: الحوثيين والشَّراكة مع حزب المؤتمر الشَّعبي العام»، تتناول قراءة لخلفيَّات الشَّراكة بين جماعة الحوثي وحزب المؤتمر الشَّعبي العام (جناح علي عبدالله صالح)، ومسارها، والتَّداعيات التي انبنت عليها، والمآلات التي انتهت إليها؛ وكلُّ ذلك مِن وجهة نظر كاتبها، د. عادل الشُّجاع، وهو أحد قيادات حزب المؤتمر الشَّعبي العام.

والدراسة الأخرى بعنوان: المحدِّد الأيديولوجي ورؤية الحوثيين للشَّراكة السِّياسية. تتناول مراحل نشوء جماعة الحوثي، وطبيعة الأيدولوجيا التي تحكمها، وأبرز الخصائص المميِّزة لها، وموقفها مِن المشروع الوطني، وطبيعة مشروعها السِّياسي، ورؤيتها للشَّراكة السِّياسية؛ والأهم أنَّها أسقطت ذلك على تجربة «التَّحالف» الذي جمع جماعة الحوثي مع حزب المؤتمر الشَّعبي العام (جناح علي عبدالله صالح)، منذ عام 2016م.

وتتناول الورقة الثَّانية» كلا الدراستين -كما سيلحظ- القارئ تقدِّم مؤشِّرات مخيفة على حاضر اليمن ومستقبله، سببها الرَّئيس المعضلة التي تشكِّلها الرُّؤية السِّياسية لهذه الجماعة، وهي ذات الرُّؤية التي دفع اليمنيون ثمنًا باهضًا لها منذ مئات السِّنين.

كلا الدراستين -كما سيلحظ- القارئ تقدِّم مؤشِّرات مخيفة على حاضر اليمن ومستقبله، سببها الرَّئيس المعضلة التي تشكِّلها الرُّؤية السِّياسية لهذه الجماعة، وهي ذات الرُّؤية التي دفع اليمنيون ثمنًا باهضًا لها منذ مئات السِّنين.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى