اليمن في التناولات البحثية والإعلامية الدولية مركز المخا للدراسات
اليمن في التناولات البحثية والإعلامية الدولية
 
04/11/2022

 

31/10/2022م

شملت التناولات البحثية الدولية حول اليمن، خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول، مناقشة قضية فشل الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة في اليمن، أسبابها وخلفياتها وتداعياتها على جهود إحلال السلام، وانعكاساتها على مستقبل السلام في اليمن، ومدى إمكانية استئناف مباحثات السلام ومضامينها الضرورية.

كما تضمنت التناولات الإعلامية الأخبار اليومية المتعلقة بمسار الهدنة، وانهيارها، والوضع السياسي والاقتصادي والإنساني الذي يعصف باليمن جرَّاء الحرب الراهنة، بالإضافة إلى انعكاسات القصف الحوثي على ميناء الضَّبَّة النَّفطي في محافظة حضرموت. فيما تحدَّثت دراسة مستفيضة عن "مجلس الجهاد الحوثي"، ومدى تشابهه مع تكوينات (حزب الله) اللبناني، وارتاباطه الوثيق بإيران وبـ(حزب الله).

الخلاصة:

  • دراسة غربية حول فشل الدبلوماسية الأممية في اليمن.
  • مجلس الجهاد الحوثي نسخة أخرى مِن (حزب الله).
  • مباحثات السلام لن تنجح في ظل تجاهل العدالة الانتقالية.

التفاصيل:

  • تعثُّر الدبلوماسية في اليمن:

تحت هذا العنوان، نشر مركز "كارنيغي للشرق الأوسط" تقريرًا للباحث "مايكل يانغ"، في 19 أكتوبر/ تشرين أول، قال فيه: انهارت مطلع أكتوبر/ تشرين الأول هدنة أُبرمت في اليمن بوساطة الأمم المتحدة، ودامت ستة أشهر، بعد تمديدها مرَّتين، حين فشل الطرفان المتناحران الأساسيان، أي الحوثيين والحكومة اليمنية، في الاتفاق على شروط تمديد جديد. وأرجع أسباب فشل الطرفان في تجديد الهدنة إلى أنَّ الهدنة بحدِّ ذاتها، والتي جاءت بعد سبع سنوات مِن الاقتتال، "لم تكن أساسًا وليدة إحساس هذه الأطراف بصحوة ضمير فجأة، وقرارها وقف القتال والتركيز على التَّصدِّي للكارثة الإنسانية في اليمن، بل كان السَّبب الذي دفعهم إلى الموافقة على الهدنة مختلفًا تمامًا، وهو الإنهاك".

وأوضح أنَّ "هذا الإنهاك جاء مِن جمود خطوط المعارك، خصوصًا في مأرب وشبوة، بين جماعة (أنصار الله)، المدعومة مِن إيران، والمعروفة باسم (الحوثيِّين)، مِن جهة، ومختلف القوَّات الموالية للحكومة اليمنية، المدعومة مِن المملكة العربية السُّعودية والإمارات العربية المتَّحدة، مِن جهة أخرى"؛ علاوة على ذلك، شعرت الرياض وأبو ظبي بالتَّهديد مِن هجمات الحوثيِّين المتزايدة على المنشآت النَّفطية في أراضيهما، ما جعلهما حريصتان على قبول الهدنة.

وذكر الكاتب أنَّه خلال هذه الهدنة عمد الحوثيُّون إلى إعادة ترتيب صفوفهم، وتجنيد مقاتلين إضافيين، وتعزيز مواقعهم على خطوط المواجهة الأمامية كافة. لقد شعروا أنَّ الهدنة منحتهم فرصة لرفع جهوزيَّتهم العسكرية، وانعكس ذلك في سلسلة مِن العروض العسكرية نظَّموها لاستعراض قوَّتهم وترسانتهم.

وعلى الجانب الآخر، بدا الوضع مختلفًا، فعلى الرَّغم مِن أنَّ السعودية والإمارات تمكَّنتا مِن ضمِّ عدد مِن الفصائل المناهضة للحوثيِّين في إطار "مجلس القيادة الرئاسي"، الذي جرى تشكيله حديثًا، وعُلِّقت عليه الآمال بحكم اليمن، إلَّا أنَّه -مع مرور الوقت- بدأت بعض هذه المجموعات بالاقتتال فيما بينها؛ وما حصل في محافظة شبوة مثال واضح على ذلك، حيث وقعت اشتباكات عنيفة بين فصائل المجلس الموالية للسُّعودية وتلك المدعومة مِن الإمارات.

وإدراكًا مِن الحوثيين لكل هذا الوضع، رفعوا السقف عاليًا، خلال المفاوضات الأخيرة، حول تجديد الهدنة، واضعين شروطًا جديدة، شملت التزام المجلس الرِّئاسي بدفع رواتب العسكريِّين وموظَّفي الخدمة المدنية (المقيمين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين)، وإعادة فتح مطار صنعاء بالكامل، الذي يعمل -راهنًا- بقدرة محدودة، ورفع القيود المفروضة على شحنات الوقود التي تدخل ميناء الحديدة.

  • مجلس الجهاد الحوثي: القيادة والسيطرة في (حزب الله) آخر:

نشر "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى"، بتاريخ 21 أكتوبر/ تشرين الأول، دراسة حول "مجلس الجهاد الحوثي"، والذي شبَّهه بمركز "القيادة والسَّيطرة في (حزب الله)"، اللُّبناني، المدعوم مِن إيران. شارك في إعداد هذه الدراسة كلٌّ مِن الخبير في الشئون الأمنية والعسكرية، الدكتور "مايكل نايتس"، والباحث "كيسي كومبس"، والصحفي اليمني "عدنان الجبرني".

وقال ملخَّص الدراسة: إنَّ الهدنة الهشَّة لوقف إطلاق النار في اليمن، التي رعتها الأمم المتحدة بين الحوثيين وخصومهم العسكريِّين في "مجلس القيادة الرئاسي" اليمني، دخلت حيِّز التنفيذ، في الثَّاني من أبريل/ نيسان 2022م، وانتهت في الأوَّل مِن أكتوبر/ تشرين أوَّل 2022م. وكشفت أنَّ الحوثيين -الذين يمكنهم أن يهدِّدوا استقرار الممرَّات الملاحية للبحر الأحمر وأمن الولايات المتحدة وشركائها في الشرق الأوسط- هم مَن يمتلكون مفتاح وقف دائم لإطلاق النَّار في اليمن.

وأوضحت الدِّراسة أنَّ كلَّ هذه الاعتبارات تتطلَّب فهمًا أكمل للقيادة السياسية والعسكرية للحوثيِّين، ودوافعها الأساسية، وطبيعة ومدى نفوذ (حزب الله) الإيراني اللُّبناني داخل الحركة. حيث تناقش الدراسة فرضية أنَّ جماعة الحوثي أصبحت الآن أكثر مركزية وتماسكًا مِن أيِّ وقت مضى؛ ويرجع ذلك جزئيًّا إلى التوجيه الوثيق مِن (حزب الله) اللبناني، و(الحرس الثوري) الإيراني، حيث يبرز "مجلس الجهاد الحوثي" كشريك بارز لإيران، والعلاقة بين الحوثيين وإيران، ولا ينبغي اعتباره علاقة ضرورة، بل تحالفًا قويًّا وعميق الجذور، يرتكز على تقارب أيديولوجي قوي وتحالف جيوسياسي. ويمكن القول: إنَّ ظهور (حزب الله الجنوبي) هو الآن حقيقة على أرض الواقع في اليمن.

وشهد الوضع العسكري لجماعة الحوثي تطوُّرًا سريعًا للغاية، على مدار السنوات القليلة الماضية؛ فقد انتقلت مِن مجرد "جماعة متمرِّدة" تزرع قنابلها على جانبي الطَّريق، إلى أن أصبحت "جهة فاعلة" على مستوى الدَّولة. وقد عزَّز الحوثيون سيطرتهم على العاصمة اليمنية صنعاء، وميناء الحديدة (المطلِّ على البحر الأحمر)، وكادوا ينتصرون في الحرب الأهلية، بجيش مستمرٍّ، ولكن غير حاسم.

وفي 19 يناير/ كانون الثاني 2021م، صنَّفت إدارة الرئيس الأمريكي السَّابق، "دونالد ترامب"، قبيل انتهاء ولايتها، جماعة الحوثي على أنَّها منظَّمة "إرهابية" أجنبية (FTO)، وهي خطوة ألغتها إدارة الرئيس "جو بايدن" على الفور، في 16 فبراير/ شباط 2021م، كما استمرَّت عملية إضافة قادة عسكريين آخرين مِن جماعة الحوثي إلى قوائم العقوبات الأمريكية، لتشكيلهم "تهديدًا للسلام أو الأمن أو الاستقرار في اليمن".

ومع فشل الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة في اليمن، يظلُّ مسار حلِّ النِّزاع طويل الأجل، غير واضح المعالم، حيث برزت جماعة الحوثي كقوَّة متمرِّدة، تسيطر الآن على جزء كبير مِن الدولة اليمنية. ومِن المرجَّح أن يُطلب مِن الحوثيين التَّخلي عن بعض مكاسبهم مقابل سلام دائم، ولكن قد لا يرحِّب بهذا السلام أقوى داعمي الحوثيين في هذه الحرب باليمن، وهما إيران و(حزب الله) اللبناني.

ولا يزال الحوثيون يشكِّلون تهديدًا عسكريًا على مكافحة "الإرهاب"، وعلى الولايات المتحدة وشركائها في المنطقة، فضلًا عن تهديد التجارة العالمية في البحر الأحمر. كلُّ هذه الاعتبارات تتطلَّب فهمًا أعمق للقيادة السياسية والعسكرية للحوثيين، ودوافعها الأساسية، وطبيعة ومدى النفوذ الإيراني و(حزب الله) اللبناني داخل جماعة الحوثي.

  • مباحثات السلام تفتقر لمضامين العدالة الانتقالية:

وقال مركز "مجلس أتلانتيك" للدراسات والبحوث: إنَّ الحرب الأهلية في اليمن تستمر، ولا يلوح حلٌّ في الأفق، حيث أظهر "التَّحالف" الذي تقوده السُّعودية والإمارات ضدَّ الحوثيين علامات الانقسام، لا سيَّما في المحافظات الجنوبية الانفصالية، ولم تحقِّق المحادثات التي توسَّطت فيها الأمم المتحدة إلَّا بعض النَّجاحات الصغيرة، في حين تستمر الأزمة الإنسانية في التصاعد، والتي وصفتها الأمم المتحدة بأنَّها أكثر الأزمات الإنسانية كارثية في العالم، ولا يزال حلُّ النزاع بعيد المنال.

ونشر مقالة في 24 أكتوبر/ تشرين الأول، بعنوان "هدنة أم لا هدنة: العدالة الانتقالية هي طريق اليمن الوحيد للتعافي"، لوزيرة حقوق الإنسان الأسبق في اليمن، حورية مشهور، قالت فيه: "أدَّى الإخفاق في تجديد الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة في أبريل/ نيسان (الماضي) في اليمن إلى خذلان الملايين مِن اليمنيين، لا سيَّما أولئك الذين يأملون في إحراز تقدم حقيقي هذه المرة في تنفيذ شروط الهدنة، والتي تشمل رفع الحصار المفروض على مدينة تعز، ثالث أكبر مدينة مأهولة بالسُّكَّان في البلاد، والتي يحاصرها الحوثيون منذ عام 2015م، ودفع رواتب موظفي الخدمة المدنية".

وأوضحت أنَّه برغم ذلك فإنَّ هذه المشاورات لا تزال قاصرة عندما يتعلَّق الأمر بمبادئ العدالة الانتقالية، حيث عملية السلام باليمن. وفي الواقع هي لا تستند إلى أيٍّ مِن مضامين حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية. ويخشى الوسطاء الأمميُّون مِن أن تعقِّد معالجة قضايا العدالة الانتقالية مباحثات السلام، وتعيق التَّقدُّم في المفاوضات. وبالنسبة لهم، الأولوية هي تأمين وقف إطلاق النار واسترضاء الأطراف الجالسة على طاولة المفاوضات. وهذا التجاهل لحقوق الإنسان يضع مصالح أطراف النِّزاع فوق الآلاف، إن لم يكن الملايين، مِن الضحايا الذين تأثَّروا بالنزاع في اليمن.

وأضافت أنَّه مِن المهم للوسطاء، ووفود مفاوضات السلام اليمنية، أن يفهموا أن تدابير العدالة الانتقالية ليست في مصلحة الضحايا فحسب، بل يمكن أن تشمل مخرجًا آمنًا للمنتهكين إذا اعترفوا واعتذروا وطلبوا الصَّفح، والتزموا بعدم التكرار والتعويض المناسب للضحايا. وبهذه الطريقة، يمكن إغلاق هذه الملفات بعد تحقيق رضا الضحايا، وبدون ذلك ستظل ملفات الانتهاكات مفتوحة، ويمكن إحالتها إلى العدالة الجنائية المحلية أو المحاكم الدولية، مثل محكمة العدل الدولية، إذا لم يتم إنصاف الضحايا أمام المحاكم الوطنية، وذلك لأنَّ ارتكاب مثل هذه الانتهاكات وجرائم الحرب والجرائم ضدَّ الإنسانية لا تسقط بالتَّقادم، ولا تندرج ضمن قانون التقادم.

لقراءة الملف كاملاً اضغط هنا