اليمن في التناولات البحثيَّة والإعلاميَّة الدُّولية مركز المخا للدراسات
اليمن في التناولات البحثيَّة والإعلاميَّة الدُّولية
 
12/04/2022

النصف الثاني من شهر مارس

استمر تراجع اهتمام مراكز الأبحاث ووسائل الإعلام الأمريكية والغربية بالحرب في اليمن، بفعل انشغالها بتطورات الحرب الروسية على أوكرانيا، وما يرتبط بها من تفاعلات تمس الدول الغربية، والأوضاع العالمية، وهنا نعرض أهم التناولات ذات الصلة بالحرب والأزمة في اليمن، وما يرتبط بها من مؤثرات:

دعوة لإنهاء الحرب وبناء سلام مستدام:
تحت عنوان "اليمن: إنهاء الحرب وبناء سلام مستدام"، نشر معهد الشَّرق الأوسط، في واشنطن، بتاريخ 24 مارس/ آذار، ورقة بحثية للسَّفير الأمريكي الأسبق إلى اليمن، جيرالد فايرشتاين، قال فيها: منذ سبع سنوات لبدء العمليَّات العسكرية للتَّحالف الذي تقوده السُّعودية في اليمن، والتي انطلقت في 26 مارس/ آذار 2015م، لا تزال الحرب الأهليَّة في اليمن لا تبارح مكانها، ووصلت إلى طريق مسدود.

وأرجع أسباب ذلك إلى عدم تغيُّر الحقائق الأساسية للصِّراع بشكل جوهري على الأرض، منذ أكثر مِن خمس سنوات. وأوضح أنَّه "لم تتمكَّن القوَّات المتحالفة مع حكومة الرَّئيس، عبدربِّه منصور هادي، المعترف بها دوليًّا، ولا الحوثيُّون، مِن الحفاظ على النَّجاح في ساحة المعركة. في الوقت الَّذي لم تتقدَّم فيه الجهود الدُّولية لإعادة الأطراف اليمنية إلى طاولة المفاوضات".

وأشار إلى الانعكاسات السَّلبية لهذه الحرب على حياة العامة، حيث تستمرُّ الظُّروف الصَّعبة التي يعيش في ظلِّها غالبية اليمنيين الأبرياء، وتزداد في التَّدهور، إذ مِن بين 377 ألف ضحيَّة في هذه الحرب، وفقًا لتقديرات المنظَّمات الدُّولية، سقط الكثير مِن هؤلاء الضَّحايا لا بسبب المواجهات المسلَّحة، أو القصف، أو الغارات الجوِّية، ولكن بسبب الجوع، والأمراض التي فتكت بهم، وكان يمكن الوقاية مِنها.

وتذكر تقديرات الأمم المتَّحدة أنَّ نحو (21) مليون شخص مِن سكَّان اليمن، البالغ عددهم (28) مليون نسمة، بحاجة إلى مساعدات إنسانيَّة عاجلة، حيثُ يظلُّ انهيار الاقتصاد اليمني هو المحرِّك الرَّئيس للأزمة الإنسانية. وأوضح أنَّ "التزام إدارة (الرَّئيس الأمريكي) جو بايدن بدعم حلٍّ تفاوضي للصِّراع لم يغيِّر الحقائق الأساسية على الأرض، وأنَّه حان الوقت للنَّظر في التَّدابير العاجلة التي يمكن أن تعزِّز إنهاء الصِّراع وتضع الأساس لإعادة الإعمار بعد الصِّراع".

وأضاف أنَّه بالرَّغم مِن الدَّعم القوي مِن إدارة بايدن، فإنَّ الجهود التي تقودها الأمم المتَّحدة لتعزيز وقف شامل لإطلاق النَّار في اليمن، واستئناف المفاوضات لم تحرز تقدُّمًا. مشيرًا إلى أنَّ المبعوث الأممي الخاص باليمن الجديد، هانز غروندبرغ، اقترح على مجلس الأمن، التَّابع للأمم المتَّحدة، مبادرة جديدة لتوسيع المشاركة في مباحثات السَّلام المحتملة بمشاركة مجموعات واسعة مِن أصحاب المصلحة اليمنيِّين.

وأوصى فايرشتاين الإدارة الأمريكية بممارسة "الضَّغط على حكومة هادي، والمجلس الانتقالي الجنوبي، بالتَّنسيق مع السُّعودية والإمارات، لاستكمال تنفيذ اتِّفاق الرِّياض، وإعادة الحكومة إلى عدن، إلى حين تحقيق إمكانية استعادة الحكومة الشرعية إلى صنعاء".

تاريخ مِن الإخفاقات لدولة الجنوب:
تحت عنوات "جمهوريَّة متعدِّدة الأوجه"، نشر مركز كارنيجي، بتاريخ 22 مارس/ آذار، مقابلة مع الكاتب البريطاني ورئيس الجمعية البريطانية اليمنية، نويل بريهوني، مؤلِّف كتاب عن جنوب اليمن عام 2011م بعنوان: "Yemen Divided: The Story of a Failed State in South Arabia"، (اليمن مقسَّمًا: قصَّة دولة فاشلة في جنوب الجزيرة العربية)، تحدَّث فيها عن دورات الصِّراع التَّاريخية التي أفضت إلى الفشل الذي منيت به دولة اليمن الجنوبي سابقًا، خلال الفترة التي استمرَّت فيها، وتساءل في الفصل الأخير مِن كتابه، عن مدى احتمالية عودة دولة اليمن الجنوبي السَّابقة، لكنَّه كشف عن "غياب تنظيم جنوبي فعَّال" لهذه المهمَّة، على الرَّغم مِن وجود" غالبيَّة مؤيِّدة" لإعادة تقسيم اليمن. موضحًا أنَّه ينظر إلى جمهورية اليمن الدِّيمقراطية الشَّعبية (اليمن الجنوبي سابقًا)، على أنَّها "نظام فاشل" بدلًا عن "دولة فاشلة".

وأشار إلى أنَّ "الميليشيات في عدن ومحيطها، والتي درَّبتها الإمارات (حاليًّا)، أصبحت تشكِّل -بحكم الأمر الواقع- الجناح العسكري للمجلس الانتقالي الجنوبي الَّذي يدعو إلى عودة دولة جنوب اليمن". غير أنَّ تاريخ جمهورية اليمن الدِّيمقراطية الشَّعبية (سابقًا) يظهر أنَّ وجود أكثر مِن دولة واحدة في اليمن قد يؤدِّي إلى تأجيج جذوة الخصومة، والتَّنافس على الموارد، وزعزعة الاستقرار، حيث أنَّ شمال اليمن يضمُّ نسبة 80% مِن السُّكَّان، فيما تقع معظم احتياطيات النَّفط والغاز في الجنوب.

وذكر أنَّ الانقسام القائم بين أنصار الرَّئيس عبدربَّه منصور هادي في الجنوب، ومعظمهم في أبين، وبين المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يتمتَّع بالنُّفوذ الأكبر في محافظات الضَّالع وعدن ولحج، يشكِّل خير تعبير عن الانقسامات السَّابقة التي أدَّت إلى أحداث عام 1986م التي كانت أشبه بحرب أهليَّة في عدن.

هجمات الحوثيِّين تكشف ضعف الدِّفاعات السعودية:
وتحت عنوان (هجمات الحوثيِّين تكشف ضعف دفاع السُّعودية)، نشر موقع "دوتشيه فيليه DW" الألماني، مقالًا -في 30 مارس/ آذار، قال فيه: أكَّدت الضَّربة الأخيرة التي استهدفت مستودعًا للنَّفط في مدينة جدَّة (السُّعودية) مِن قبل المتمرِّدين الحوثيِّين، ضعف الدِّفاع العسكري للمملكة العربية السُّعودية، والَّتي تهدِّد سمعتها كموقع استثماري عالمي.

وأوضح أنَّه لم تكن هناك مؤشِّرات على الهدوء، قبل أيَّام فقط مِن إعلان اتِّفاق لوقف إطلاق النَّار مِن المفترض أن يؤدِّي إلى وقف القتال في الحرب الأهلية باليمن.

وأضاف أنَّه في أعقاب هجوم جماعة الحوثي المدعومة مِن إيران على منشأة نفطيَّة سعودية، في جدَّة، استهدف "التَّحالف العربي"، بقيادة السُّعودية، مواقع لميليشيا الحوثي بالقرب مِن العاصمة اليمنية صنعاء بعده بيومين.

ومع ذلك، فإنَّ الصُّورة التي سوف تبقى عالقة في الأذهان هي أعمدة الدُّخان السُّوداء المتصاعدة مِن منشأة النَّفط المحترقة بالقرب مِن مضمار سباق "فورمولَّا-1"، في مدينة جدَّة، وهو "رمز قوي يفضح ضعف المملكة العربية السُّعودية، التي يبلغ عدد سكَّانها 35 مليون نسمة".

ونسب موقع "دوتشيه فيليه" إلى الخبير في مركز البحوث التَّطبيقية في ألمانيا بالشَّراكة مع الشَّرق، سيباستيان سونز، قوله: إنَّ "توقيت الضَّربة لم يكن مصادفة"؛ وأوضح أنَّه "مِثل هذه الهجمات هي سيناريو مروِّع للسُّعودية، بالنَّظر إلى أنَّ العالم يمكن أن يدرك أنَّ الحوثيِّين قادرون على مهاجمة السُّعودية في أماكن مختلفة".

وذكر أنَّه منذ تدخُّل التَّحالف في اليمن، بقيادة السُّعودية، في 2015م، دأب الحوثيُّون على مهاجمة الأهداف الإستراتيجية للسُّعودية بشكل متكرِّر، مثل المنشآت النَّفطية والمطارات. وبالنَّظر إلى الزيادة الكبيرة في هجمات الحوثيِّين على السُّعودية خلال الأسابيع الأخيرة، "كان مِن المفاجئ أنَّه لماذا ظهرت القوَّة العسكرية السعودية الغنية تحت مستوى الأداء العسكري المطلوب؟!".

وأرجع أسباب ذلك إلى العديد مِن الأمور، أبرزها توتُّر العلاقة مع أكبر حليف للسُّعودية ومزوِّدها بالأسلحة، وهو الولايات المتحدة، حيث سحبت أمريكا دعمها بعد اغتيال الصَّحفي السُّعودي، جمال خاشقجي، داخل القنصلية السعودية في إسطنبول في أكتوبر/ تشرين الأول 2018م.

موضحًا أنَّه نتيجة لذلك، تمَّ تقليص بطاريَّات باتريوت المضادَّة للصَّواريخ، ونظام الدِّفاع عن منطقة الارتفاعات العالية (THAAD)، التي تمَّ تركيبها في عام 2019م، بعد هجوم للحوثيِّين على إنتاج النَّفط والمطارات في المملكة العربية السُّعودية. علاوة على ذلك، تمَّ نقل الآلاف مِن القوَّات العسكرية مِن قاعدة الأمير سلطان الجوية، على بعد حوالي (115)كم مِن الرياض في ذلك الصَّيف. وفي المحصِّلة، بدأت السُّعودية تشهد نقصًا حادًّا في الصَّواريخ، مما أدَّى إلى إضعاف القدرة الدِّفاعية للبلاد بشكل أكبر.

وذكر أنَّه نتيجة لذلك، أبدت الرِّياض اهتمامًا بالتَّعاون في أنظمتها الدِّفاعية مع شركاء آخرين، مثل الصِّين واليونان، على الأقلِّ حتَّى غزو أوكرانيا، "إلَّا أنَّ الولايات المتَّحدة ظلَّت الشَّريك الأكثر أهميَّة للسُّعودية". وكشف أنَّه بعد توجيه "طلب عاجل" مِن الرِّياض لواشنطن، في منتصف مارس/ آذار 2022م، إثر زيادة الهجمات الحوثية الأخيرة على السُّعودية، وفَّرت الولايات المتَّحدة صواريخ باتريوت اعتراضية جديدة إلى شبه الجزيرة العربية.

المخاوف تسيطر على حلفاء واشنطن إثر العودة للاتفاق النووي
نشرت شبكة "فوكس نيوز"، الإخبارية الأمريكية، مقالًا تحليليًّا، للكاتب، بن إيفانسكي، بتاريخ 26 مارس/ آذار، تحت عنوان "حلفاء الولايات المتَّحدة يقلقون بشكل متزايد مع عودة إدارة بايدن إلى الاتِّفاق النَّووي الإيراني"، وقالت فيه: إنَّ "هناك مخاوف بين الحلفاء بشأن القيادة الأمريكية في العالم".

وأضاف الكاتب "أدَّى الهجوم الصَّاروخي البالستي الذي شنَّه الحوثيُّون، وهم جماعة إرهابيَّة مدعومة مِن إيران، ومقرُّها اليمن، الجمعة، على مستودع نفط سعودي كبير، إلى زيادة مشاعر الغضب والإحباط بين العديد مِن الحلفاء الإقليميِّين الرَّئيسين تجاه إدارة بايدن". وأوضح أنَّ القلق يكمن في أنَّ وكلاء إيران سوف يصعِّدون الهجمات في المنطقة، حيث تبدو احتمالات عودة الإدارة إلى الاتِّفاق النَّووي الإيراني مرجَّحة بشكل متزايد.

وعلى خلفية الغزو الرُّوسي لأوكرانيا، هناك مشكلة متنامية تتعلَّق بكيفية رؤية بعض الحلفاء لأمريكا؛ ونسبت "فوكس نيوز" إلى المسئول السَّابق بوزارة الخزانة ونائب الرَّئيس الأوَّل لمؤسَّسة الدِّفاع عن الدِّيمقراطيات (FDD)، جوناثان شانزر، قوله بأنَّ "القيادة الأمريكية في العالم تتَّجه نحو الضَّعف".

وأوضح "شانزر" أنَّ "البيت الأبيض فشل في أفغانستان، ثمَّ دخل بوتين إلى أوكرانيا، والآن يبدو أنَّ واشنطن أذعنت لكلِّ المطالب الصَّادرة مِن إيران، وهي أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم".

وقال: إنَّ "حلفاؤنا جميعًا يتساءلون عمَّا إذا كان هناك، في الواقع، نظام عالمي بقيادة الولايات المتحدة؟"؛ مشيرًا إلى أنَّ هذا بلا شك سيفتح الباب لتحالفات مع أقطاب أخرى، مثل روسيا والصِّين. وأضاف "باختصار، حلفاؤنا خائفون مِن افتقار أمريكا للقيادة. إنَّهم يجب أن يكونوا قلقين!".

وفي الوقت الذي أشارت فيه "فوكس نيوز" إلى أنَّ التَّوصُّل إلى الاتِّفاق النَّووي الإيراني أصبح وشيكًا، قالت: إنَّ "الصَّفقة المستقبلية (مع إيران) ستكون أسوأ بكثير، لأنَّها لا تؤدِّي وظيفة سيِّئة في معالجة الجانب النَّووي فحسب، بل إنَّها ستخفِّف على الأرجح مِن العقوبات على طهران"، في إشارة إلى أنَّ هذا سيكون مصدر مخاوف حلفاء الولايات المتَّحدة الأمريكية في المنطقة.

لتحميل المادة اضغط هنا