تمتلك جزيرة ميون –اليوم- أهمية إستراتيجية قصوى للعالم، لموقعها المهم في مضيق باب المندب الذي يعتبر البوابة الجنوبية للبحر الأحمر. فهي تشرف على ممر مائي حيوي تعبر مِن خلاله 21 ألف سفينة سنويا، وبواقع 57 سفينة نفط يوميا، تقدر كمية النفط العابرة مِن المضيق بين 3 الى 4 مليون برميل يوميا، أي ما يعادل 6% من حركة النفط العالمية. وبهذا يعد مضيق باب المندب شريانا يربط بين الشرق والغرب والجنوب والشمال؛ وهو يتكامل مع قناة السويس.
تأسيسا على ما سبق، فإن أي تهديد ينطلق مِن مضيق باب المندب أو جزيرة ميون سيعرض المصالح القومية ليس لليمن فقط، بل وللدول المطلة على البحر الأحمر والخليج العربي ودول القرن الأفريقي، فضلا عن خطوط الملاحة الدولية والتجارة العالمية، كما بلغ تعداد سكان جزيرة ميون 221 نسمة، حسب التعداد السكاني في اليمن لعام 2004م؛ ويتوقع أن يتجاوز عدد سكانها الآن 400 نسمة. وهذا التعداد السكاني الضئيل نتيجة لطبيعة المعيشة الحياتية الصعبة جدا في الجزيرة.
فوجئت الساحة اليمنية بالأنباء التي تتحدث عن قيام دولة الإمارات ببناء قاعدة عسكرية خاصة بها على الجزيرة، وقد استخدمت الإمارات مجموعات مسلحة يمنية وهذا يشير إلى أن دخول الإمارات في التحالف العربي لدعم الشرعية كان لتحقيق أجندات مغايرة عما هو معلن للتحالف؛ فلم يعد خافيا أن الإمارات تسعى جاهدة للهيمنة على سواحل اليمن والجزر القريبة منها
قامت الإمارات في السنوات الثلاث الأخيرة 2014م- 2017م بتهجير مواطني الجزيرة ومنح الجنسية الإماراتية لنصف عدد السكان86 عائلة تقريبا وذلك بهدف إحكام السيطرة على الجزيرة وسوف تتيح قاعدة ميون الجوية للإمارات السيطرة على خطوط شحن ناقلات النفط والسفن، وقد أثار تقرير وكالة “الأسوشيتد برس” الأمريكية عن إنشاء قاعدة إماراتية في جزيرة ميون ضجة إعلامية كبيرة في الأوساط اليمنية، وحظي بجدل واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي فقد اعتبر أعضاء في مجلس النواب اليمني ما يجري تفريطا بسيادة اليمن وأرضها واليوم تطالعنا وكالات الأنباء العالمية عن أعمال تجري على قدم وساق لبناء قاعدة عسكرية في ميون فمتى نصحو من سباتنا العميق.
تعتبر الإمارات نفسها في سباق إستراتيجي تتجاوز أهميته الحرب في اليمن، لهذا عملت على تعزيز حضورها في السواحل الأفريقية المجاورة، كميناء “عصب” بإرتيريا، وميناء “بيساسو” بالصومال، وفي ميناء جيبوتي وعدن عبر عقود تشغيل، ومؤخرا جزيرة ميون، لذلك ينبغي على الحكومة اليمنية أن تعيد صياغة طبيعة دور “التحالف العربي” وفق مبادئ الدستور اليمني والقوانين الدولية بعيدا عن أي توظيف خارج الأهداف المعلنة للتحالف، والمتمثلة في استعادة الشرعية وعودة الحكومة اليمنية.