حالة اللَّا حرب واللَّا سلم في اليمن: مَن المستفيد؟ وما تداعياتها؟

Getting your Trinity Audio player ready...

 


مقدمة:

منذ أبريل 2022م، حينما جرى التوصُّل إلى هدنة مؤقَّتة (انتهت في 2 أكتوبر مِن العام ذاته)، دخلت حرب اليمن في مرحلة جديدة لم تشهدها مِن قبل، وهي مرحلة “اللَّا حرب واللَّا سلم”، حيث لم يجر الاتِّفاق على هدنة معينة، كما لم يجر الاتفاق على وقف إطلاق النَّار بوساطة ما، وإنَّما جرى توافق الجميع ضمنيًّا على إبقاء الوضع مثلما هو، فلا حرب مشتعلة في الجبهات، ولا سلام قائم لإنهاء الحرب.

هذه المرحلة التي تُسمَّى بمصطلح “اللَّا حرب واللَّا سلم” ستكمل عامها الأوَّل. وهذا المصطلح “اللَّا حرب واللَّا سلم” جرى تداوله لأوَّل مرَّة في بداية سبعينيات القرن الماضي؛ حيث استخدم لوصف الوضع الذي كان يمرُّ به الصراع بين العرب وإسرائيل في تلك الفترة، بعد أن أعلن الرئيس المصري الراحل، جمال عبدالناصر، موافقته على “مبادرة روجرز”، في أغسطس 1970م، بهدف وقف الحرب بين مصر وإسرائيل. وعلى الرغم مِن توقُّف القتال إلَّا أنَّه لم يجر التوصُّل إلى اتفاقية سلام رسمية. وبالتالي، لم يكن هذا الوضع سلامًا يسمح بالعودة إلى الحياة اليومية كالمعتاد، كما أنَّه -أيضًا- لم يكن حربًا نشطة بالمعنى التقليدي؛ وهو تمامًا ما يحدث في اليمن في الوقت الرَّاهن، فالحياة لم تعد إلى مجراها الطبيعي، والوضع السياسي لا يزال مشتَّتًا، والحالة الاقتصادية تزداد سوءًا يومًا بعد يوم.

ويرى مراقبون أنَّ حالة “اللَّا حرب واللَّا سلم” فرصة لبناء سلام دائم، بينما يرى آخرون أنَّها حالة خطيرة تتدهور فيها الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية أكثر، ويبقى الوضع هشًّا مُعرَّضًا في أيِّ لحظة للعودة إلى العنف. وقد شهدت مناطق عديدة في العالم هذه الحالة؛ فعلى سبيل المثال ظلَّ الصراع في صحراء العيون بالمغرب تحت هذه الحالة، منذ تسعة عشر عامًا، ولا يزال كذلك، ولا يختلف الأمر في الصراع الدائر في جزيرة قبرص بين الأتراك واليونانيين. وهو ما يُخشى في الصراع في اليمن، وأن تطول حالة “اللَّا حرب واللَّا سلم” دون تحقيق سلام حقيقي تنعم فيه البلاد بالأمن والاستقرار.

والسؤال هو: لماذا وصلت حرب اليمن إلى هذه الحالة؟ وهنا سنحاول الإجابة على هذا التساؤل ومعرفة مَن المستفيد مِن هذه الحالة، وما هي نتائجها المحتملة.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى