تجاذب المشاريع السياسية في المحافظات الشرقية وإمكانيَّة تأثيرها على مفاوضات السلام

Getting your Trinity Audio player ready...

 

تمهيد:

كانت المحافظات الشرقية مسرحًا لظهور الكثير مِن المشاريع السياسية التي تميَّزت في علاقاتها فيما بينها بالتنافس أحيانًا والصدام أحيانًا أخرى. ورغم أنَّ كثيرًا مِن هذه المشاريع السياسية بدأت بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية، عام 2006م، والتي شهدت احتقانًا كبيرًا، وما تلاها مِن أحداث، إلَّا أنَّها تعدَّدت وتشظَّت. وبطبيعة الحال هناك عوامل داخلية وأخرى خارجية، إقليمية ودولية، تقف خلف هذا التشظِّي والتضارب. فإقليم المحافظات الشرقية يحظى بتنافس مختلف القوى، نظرًا للأهمِّية الكبرى لبعض المحافظات الواقعة في الإقليم، نتيجة ما تمتلكه مِن ثرواتها نفطية، ولموقعها الإستراتيجي بالنسبة لجميع أشكال الدولة التي تدافع عنها هذه المشاريع، سواء كانت في إطار الوحدة أو الانفصال أو الفيدرالية الاتِّحادية.

تحاول هذه الورقة مناقشة حالات التنافس والتجاذب بين هذه المشاريع السياسية في المحافظات الشرقية، وإمكانية تأثيرها على مفاوضات السلام المرتقبة.

الشرارة الأولى: مرحلة تطوُّر المشاريع السياسية:

يعود ظهر المشروع السياسي الأوَّل في المناطق الشرقية إلى فترة الستينيَّات مِن القرن الماضي، أثناء محاولة بريطانيا توحيد حلفائها اليمنيين الجنوبيين تحت راية اتِّحاد الجنوب العربي، في أبريل 1962م، لكنَّ المسئولين في المناطق الشرقية، مِن حضرموت والمهرة وأجزاء مِن شبوة، رفضوا الانضمام إلى الاتِّحاد، وفضَّلوا الحكم الذاتي. وهو ما يُعتبر الظهور الأوَّل في المحافظات الشرقية للفكرة الرافضة للانضمام إلى الجنوب عمومًا والبقاء في كيان مستقل نوعًا ما.

وتكرَّر الأمر أيضًا بعدها بـخمس سنوات، إذ شهدت حضرموت دعوات وحراكًا عامًّا يطالب بتوحيد السلطنة الكثيرية والقعيطية، وإقامة دولة حضرموت. ومِن أهمِّ الرؤى التي كتبت عن دولة حضرموت ما كتبه الشيخ عمر سالم باعبَّاد، رئيس المؤتمر الشعبي الحضرمي العام، في مارس 1965م؛ فقد قدَّم مشروعًا أسماه “الدستور الوطني المقترح لدولة حضرموت”. تكوَّن ذلك الدستور مِن خمسة أبواب وتسع وسبعين مادَّة. وممَّا جاء فيه أن تُسمَّى دولة حضرموت المقترحة (جمهورية حضرموت المتَّحدة)، بنظام حكم دستوري ديمقراطي. وحدَّد في المادة (13) جغرافية حضرموت وسكَّانها في هذا المشروع المقترح على النحو التالي: “الشعب بجمهورية حضرموت هم السكَّان المقيمون في الحدود مِن تخوم عدن غربًا إلى تخوم المهرة شرقًا، وحتَّى البحر العربي جنوبًا إلى تخوم السعودية شمالًا”.

ومع ذلك لم تتحقَّق أحلام الحضارم في وحدتهم أو إقامة دولتهم، نتيجة عدم تبلور فكرة الدولة الحضرمية بشكل ناضج، وعدم وجود داعم حقيقي لها. وجرى ضمُّ حضرموت إلى الدولة الوليدة في الشطر الجنوبي مِن اليمن، وعاصمتها عدن، وأطلق على حضرموت وقتها مسمَّى “المحافظة الخامسة”.

وإذا كانت الستينيَّات مِن القرن الماضي هي لحظة البروز الأوَّل والخجول للمشاريع السياسية في المحافظات الشرقية، فلا شكَّ بأنَّ حرب 1994م كانت هي اللحظة الثانية التي ساعدت على تشكيل مشاريع سياسية حديثة، حيث بدأ يدافع الكثير عن معاناة المحافظات الشرقية (والمحافظات الجنوبية بشكل عام) مِن “تهميش واسع”. وكان أوُّل خروج لرفض ما يُسمَّى “سياسات التهميش” ضدَّ المناطق الجنوبية عمومًا، وضدَّ حضرموت خصوصا، في عام 1997م، في مدينة المكلَّا، عاصمة حضرموت. وقد اتَّهم ذلك الحراك العاصمة المركزية للجمهورية اليمنية (صنعاء) بتهميش الكوادر الجنوبية السياسية والعسكرية. وما لبث أن تطوَّر هذا الحراك حتَّى عُرِف بـ”الحراك الجنوبي”. وكان تحرُّكه ضدَّ ما اعتبرها بـ”السياسات الظالمة”، التي كان نظام صنعاء يمارسها تجاه أبناء حضرموت والمحافظات الشرقية خصوصًا، بعد حرب 1994م.

بالتزامن مع الحراك المناهض للنظام الحاكم في صنعاء بشكل أساسي، تطوَّر حراك آخر دافع عن القضية الحضرمية، فقد تأسَّست عام 2003م “المنظمة الوطنية لتحرير حضرموت- حتوم”، بزعامة عبدالله سعيد باحاج، ودعت إلى تقرير المصير لسكَّان حضرموت، واستعادة دولتهم المستقلَّة. ثمَّ تشكَّلت فيما بعد عدَّة حركات ومكوِّنات تتبنَّى قضية حضرموت، ومِنها “جبهة إنقاذ حضرموت” و”التجمُّع الوطني الحضرمي” و”تكتُّل صحوة شباب حضرموت”، والتي تشكَّلت مِنها “عصبة القوى الحضرمية” في مايو 2012م. وتنطلق العصبة مِن فكرة مفادها أنَّ حضرموت دولة مستقلَّة، تعرَّضت للاحتلال مرَّتين، المرَّة الأولى عام 1967م مِن قبل اليمن الجنوبي، والمرَّة الثانية عام 1990م مِن قبل دولة اليمن التي ضمَّت دولتي شمال اليمن وجنوبه، لتصبحا دولة واحدة هي الجمهورية اليمنية.

في ذات الوقت، استمرَّ الحراك الجنوبي في التطوُّر والنضوج. غير أنَّ اللحظة المهمَّة كانت بعد انضمام الشيخ القبلي، طارق الفضلي (وهو أحد أبرز حلفاء الرئيس علي عبدالله صالح في حينه)، منتصف عام 2009م، لما عُرِف بـ”المجلس الأعلى للثورة السلمية”، وهو المكوِّن الذي توسَّع فيما بعد على حساب بقيَّة المكوِّنات، خاصَّة بعد دعمه مِن قبل علي سالم البيض (آخر رؤساء جنوب اليمن قبل الوحدة).

إذن يمكن القول بأنَّ هناك ثلاثة مشاريع سياسية تشكَّلت في تلك المرحلة. الأوَّل تناول القضية الجنوبية، وبدأ بمظاهرات واحتجاجات عام 2007م تحت لافتة “الحراك الجنوبي”، والذي انضمَّ له العديد مِن القوى السياسية الأخرى. والثاني تناول قضية حضرموت، والتي بدأت في الستينيَّات إلَّا أنَّها لم تتبلور بشكل حقيقي على أرض الواقع مقارنة بالقضية الجنوبية. وبطبيعة الحال كان المشروع الثالث يساند دولة يمنية موحَّدة.

توجد ثلاثة مشاريع سياسية تشكَّلت في تلك المرحلة. الأوَّل يتبنى القضية الجنوبية، وبدأ بمظاهرات واحتجاجات عام 2007م تحت لافتة “الحراك الجنوبي”، والذي انضمَّ له العديد مِن القوى السياسية الأخرى. والثاني يتبنى قضية حضرموت، والتي بدأت في الستينيَّات إلَّا أنَّها لم تتبلور بشكل حقيقي على أرض الواقع مقارنة بالقضية الجنوبية. وبطبيعة الحال كان المشروع الثالث يساند دولة يمنية موحَّدة.

 

الانفجار.. (المرحلة الانتقالية: 2011م- 2013م):

شكَّلت ثورة الشباب في 11 فبراير 2011م، وما لحقها مِن فراغ سياسي وهامش الحرية المتاح، فرصة لصعود المشاريع السياسية، سواء للحراك الجنوبي أو قضية حضرموت أو المهرة؛ فقد كان مؤتمر الحوار الوطني فرصة مهمَّة لجميع الأطراف للبروز، خصوصًا أنَّ المؤتمر حظي باهتمام دولي واسع وإقليمي كبير. وقد شارك أبناء المحافظات الشرقية في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، الذي عقد خلال الفترة (مارس 2013م وحتَّى يناير 2014م). وأثناء الحوار ظهرت أصوات حضرمية تتبنَّى قضية حضرموت مِن خلال المطالبة بإنشاء إقليم حضرموت، أو الإقليم الشرقي الذي يضمُّ إلى جانب محافظة حضرموت المحافظات الثلاث المجاورة: شبوة والمهرة وسقطرى.

شارك أبناء المحافظات الشرقية في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، الذي عقد خلال الفترة (مارس 2013م وحتَّى يناير 2014م). وأثناء الحوار ظهرت أصوات حضرمية تتبنَّى قضية حضرموت مِن خلال المطالبة بإنشاء إقليم حضرموت، أو الإقليم الشرقي الذي يضمُّ إلى جانب محافظة حضرموت المحافظات الثلاث المجاورة: شبوة والمهرة وسقطرى

عارضت الأطراف المهرية الدخول تحت مظلَّة محافظة حضرموت نتيجة الخوف مِن التهميش، ولم يرغب سكَّان المهرة في رؤية ثقافتهم، وتاريخهم الفريد ككيان مستقل، تتحطَّم خصوصيَّتهما نتيجة الدخول مع حضرموت ذات الحضور المهيمن في ذات الإقليم. وعوضًا عن ذلك دعا الممثِّلون المهريُّون إلى ضمِّ سقطرى إلى محافظتهم، كما كانت في عهد السلطنة، لتشكِّل إقليمًا مستقلًّا في ظلِّ نظام فيدرالي جديد. وبالتالي، فإنَّ المشروع السياسي الذي قدَّمته المهرة مختلف تمامًا عن المشروعين المهيمنين في الجنوب (مشروع حضرموت المستقلَّة- ومشروع الانفصال والجنوب العربي). وقد تعرَّض مشروع المهرة هذا للتهميش والتجاهل، والسبب الرئيس يكمن في تواضع الدعم الإقليمي المقدَّم لهذا المشروع السياسي مقارنة بالدعم السعودي لمشروع حضرموت والدعم الإماراتي لمشروع الانفصال.

وعند الحديث عن المهرة تجب الإشارة إلى أنَّ المهرة لم تشهد قبل ثورة 2011م، وما تبعها مِن أزمة وانحدار الأوضاع في اليمن نحو هوَّة النزاع المسلَّح، تاريخيًّا أيًّا مِن أشكال الاستقطاب السياسي أو الفكري الذي شهدته مناطق أخرى مِن اليمن، وذلك بسبب التأثير الكبير للقبيلة.

إنَّ الحالة الثورية التي عاشتها اليمن، في فترة ما بعد الثورة الشبابية، كانت سببًا في ظهور عدد أكبر مِن القوى السياسية، ومحفِّزًا رئيسًا لظهور مظالم أكبر في المحافظات الشرقية. ففي 7 يوليو 2013م، توافدت وفود حضرمية إلى وادي نحب مِن مناطق حضرموت اليمنية، بعد أن دعاهم إلى هذا اللقاء قبائل الحموم. وقد كان الهدف مِن هذا التجمُّع المطالبة بحقوق أبناء حضرموت، والتي يقول أبناؤها: إنَّها تعرَّضت للتهميش على مدار عشرات السنوات، رغم أنَّها تمتلك أغلب ثروات البلاد النفطية. وهناك تمَّ التوقيع على وثيقة حلف قبائل حضرموت، وتمَّ انتخاب المقدَّم سعد بن حمد بن حبريش رئيسًا للحلف.

بعد أشهُر قليلة، تعرَّض رئيس الحلف وزعيم قبيلة الحموم، الشيخ سعد بن حبريش، للاغتيال، ما دفع أبناء حضرموت إلى التصعيد. حيث أعلن حلف قبائل حضرموت -في ديسمبر 2013م- انطلاق الهبَّة الشعبية، عقب مقتل “بن حبريش” برصاص جنود يتبعون للجيش، بالقرب مِن حاجز أمني. وتبنَّت قيادة الهبَّة عدَّة مطالب، مِنها تسليم قتلة “بن حبريش”، وانسحاب قوَّات الأمن والجيش مِن النقاط الأمنية، وتسليمها إلى قبائل حضرموت؛ كما طالب المحتجُّون بتحسين أوضاع الخدمات في حضرموت، وتمكين أبنائها مِن إدارة مناطقهم، وإسناد مهمَّة حفظ الأمن وحماية الشركات الأجنبية لأبناء المحافظة نفسها. واعتبرت هذه المطالب ثورية في حينها؛ فهي تعني المطالبة بأن تكون إدارة محافظة حضرموت بيد أهلها بشكل رئيس، عوضًا عن الحكومة المركزية، كما أنَّ المطالبة بإسناد مهمَّة حفظ الأمن لأبناء المحافظة أنفسهم يشير ضمنيًّا إلى إخراج القوَّات الحكومية خارج المحافظة، وعلى رأسها المنطقة العسكرية الأولى، وإن لم يعبَّر عن هذا الأمر صراحة. والمفارقة اللَّافتة أنَّ هذه المطالب عادت للظهور بشكل قوي بعد ما يُقارب عشر سنوات مِن الهبَّة الحضرمية الأولى، وهذا ما ستناقشه الورقة لاحقًا بمزيد مِن التفصيل.

كان حلف أبناء وقبائل حضرموت حدثًا مفصليًّا، فقد كان البلورة الأولى لمسيرة طويلة مِن الأفكار حول أحقِّية حضرموت بالاستقلال، والتي بدأت في الستينيَّات، وحملتها العصبة الحضرمية في العاصمة السعودية (الرياض)، وجرى التعبير عنها في مؤتمر الحوار الوطني. بل وقد نتج عنه تشكيل مؤتمر حضرموت الجامع عام ٢٠١٦م. ومِن أبرز بنوده أن تكون حضرموت إقليمًا في الدولة الاتِّحادية، وأن يكون لها حقُّ تقرير المصير. وهذا ما جعل للحلف ومؤتمر حضرموت الجامع أهمِّية أكبر.

وتعدُّ الهبَّة الحضرمية الأولى المرجعية الرئيسة التي عادت لها معظم المشاريع السياسية التي تنادي بالدفاع عن حقوق حضرموت والمحافظات الشرقية، سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر. صحيح أنَّ الهبَّة انتهت عن طريق استرضاء الشيخ عمرو بن حبريش بالأموال والسيَّارات، وهو ما عرَّضه لنقد لاذع لاحقًا، إلَّا أنَّ هذا لا ينفي أهمِّيتها وتأثيرها الكبير.

التشظِّي.. (انقلاب جماعة الحوثي وعاصفة الحزم: 2014م- 2024م):

كان انقلاب جماعة الحوثي على الدولة بمثابة حدث محوري لا تزال تأثيراته قائمة في الواقع السياسي اليمني إلى اليوم. ولم تكن فترة سيطرة جماعة الحوثي على السلطة في صنعاء فترة مناسبة لظهور قوى سياسية جديدة، نتيجة تركيز القوى اليمنية على قتال الحوثيين، وخوف المناطق الشرقية مِن وصول نار المعارك لمناطقهم، خصوصًا وأنَّ “تنظيم القاعدة” عمل لصالح السيطرة على مدينة المكلَّا، عاصمة محافظة حضرموت أهمِّ المحافظات الشرقية، في أبريل 2015م. وبالفعل تمكَّن “تنظيم القاعدة” مِن السيطرة على مدينة المكلَّا، وقام بتشكيل مجلس أهلي مِن أبناء حضرموت، وصل عددهم إلى (501) عضو، بقيادة عمر الجعيدي وعبدالحكيم محفوظ، بهدف الحفاظ على وحدة الصفِّ ومنع التدخُّل الأجنبي والاقتتال الأهلي.

كان انقلاب جماعة الحوثي على الدولة بمثابة حدث محوري لا تزال تأثيراته قائمة في الواقع السياسي اليمني إلى اليوم.

مع تمكُّن المقاومة الجنوبية مِن تحرير مدينة عدن، في يوليو 2015م، تشكَّلت فرصة مهمَّة في الفضاء السياسي اليمني، حيث أتاح التحرير لظهور العديد مِن الشخصيَّات والكيانات الجنوبية التي لعبت دورًا أكبر فيما بعد، سواء على صعيد الإدارة المحلِّية أو الحالة السياسية والعسكرية والأمنية في محافظة عدن وما حولها. وكان الإعلان عن تشكيل “المجلس الانتقالي الجنوبي” في عدن بزعامة عيدروس قاسم الزبيدي، والذي شغل منصب محافظ محافظة عدن عقب تحريرها، إحدى أبرز التحوُّلات في المشهد الجنوبي.

سعى “المجلس الانتقالي الجنوبي” ليكون كيانًا سياسيًّا جنوبيًّا جامعًا، إذ تشكَّلت هيئته الرئاسية في 11 مايو 2017م، مِن شخصيَّات تمثِّل غالبية محافظات الجنوب، على مستوى وزراء ومحافظين ووكلاء محافظات. وكان مِن أهمِّ هذه الشخصيَّات مِن المحافظات الشرقية، أحمد بن بريك، المحافظ السابق لحضرموت. وأهمُّ ما ميَّز “المجلس الانتقالي الجنوبي”، عند مقارنته بالقوى السياسية الأخرى، وجود داعم إقليمي قويٍّ متمثِّل في دولة الإمارات العربية المتَّحدة، وقضيَّة يستطيع مِن خلالها إقناع جمهور واسع مِن أبناء الجنوب بها، وهي استعادة دولتهم ما قبل 1990م.

ورغم أنَّ “الانتقالي” ركَّز بشكل رئيس على مدينة عدن وما جاورها مِن المحافظات عند تأسيسه، إلَّا أنَّه كان معروفًا منذ اللحظة الأولى للإعلان عنه بأنَّه سيتمدَّد نحو باقي المحافظات الشرقية وفق منظوره ومشروعه السياسي. فالمبدأ الرئيس الذي قام عليه “الانتقالي” هو استعادة دولة الجنوب بحدودها السياسية ما قبل 1990م، وهو ما يجعل المحافظات الشرقية جزءًا لا يتجزَّأ مِن مشروعه وتطلُّعاته.

وجدير بالذكر أنَّ “الانتقالي” ضمَّ قوى سياسية عدَّة، كـ”الحراك الجنوبي” و”الحزب الاشتراكي اليمني”، وتيَّار “المؤتمر الشعبي العام” في الجنوب، بعد خلافهم مع الحوثيين أواخر 2017م، بالإضافة إلى فصيل مِن التيَّار السلفي الذي يسيطر على غالبية الدعم والتمويل كونه الأكثر ولاءً للداعمين في “أبو ظبي”.

وقبل شهر مِن تأسيس “الانتقالي”، تأسَّس “مؤتمر حضرموت الجامع”، وهو تكتُّل سياسي حضرمي أُنشئ في الذكرى الأولى لطرد “تنظيم القاعدة” مِن المكلَّا، أي في أبريل 2017م، بقيادة الشيخ عمرو بن حبريش. وضمَّ “مؤتمر حضرموت” طيفًا حضرميًّا واسعًا مِن ممثِّلين عن القبائل الحضرمية وسياسيين وأكاديميين ورجال دين ونشطاء. وانضوى ضمنه “حلف قبائل حضرموت”، الذي يقوده أيضًا الشيخ عمرو بن حبريش، إذ يشكِّل “الحلف” 30% مِن قوام “مؤتمر حضرموت”. وقد ركَّز “مؤتمر حضرموت” على إقليم حضرموت المستقل، واستحقاقية حضرموت بالمزيد مِن التمثيل السياسي، وحصَّة أكبر مِن الموارد المالية.

وقد اتَّهم بعض أبناء وادي وصحراء حضرموت أبناء الساحل بالانفراد بقرار الحلف والجامع، وأسَّسوا مرجعية قبائل حضرموت الوادي والصحراء، ما عبَّر عن حالة التشظِّي التي تنتشر في المنطقة.

اتَّهم بعض أبناء وادي وصحراء حضرموت أبناء الساحل بالانفراد بقرار الحلف والجامع، وأسَّسوا مرجعية قبائل حضرموت الوادي والصحراء، ما عبَّر عن حالة التشظِّي التي تنتشر في المنطقة.

في يناير 2018م، كشَّر “الانتقالي” عن أنيابه حين انخرط في اشتباكات مسلَّحة في عدن ضدَّ القوات الحكومة الشرعية، استمرَّت لعدَّة أيَّام، وصلت فيها قوَّاته إلى القصر الرئاسي بمنطقة “معاشيق”. وظلَّت رؤيته لإدارة الدولة عرضة لانتقادات واسعة، وهو ما أثَّر سلبًا على قرارات الكثير مِن المتردِّدين حيال مشروع “الانتقالي” في المحافظات الشرقية، وعلى رأسها حضرموت. وفي أغسطس 2019م، انخرط “الانتقالي” في قتال مع القوَّات الحكومية مجدَّدًا في مدينة عدن، بهدف طرد الحكومة الشرعية مِنها؛ وامتدَّت تلك الاشتباكات حتَّى وصلت محافظتي شبوة وأبين. ومع محاولة القوَّات الحكومية إعادة السيطرة على مدينة عدن تدخَّلت القوَّات الإماراتية بالقصف الجوي ضدَّ القوَّات الحكومية، في حادثة سقط فيها المئات مِن الجنود بين قتيل وجريح، واتَّهمت الرئاسة اليمنية في هذه الجريمة الإمارات بشكل مباشر. ورغم أنَّ هذه الأحداث لم تكن في المحافظات الشرقية إلَّا أنَّها كانت ذات تأثير مباشر عليها، فقد كان يعلم الجميع بأنَّ “الانتقالي” سيتوجَّه إلى المحافظات الشرقية، وبالأخصِّ حضرموت، بمجرد تصفية خصومه في محافظة عدن وما حولها.

الانقسام في الرؤية السياسية بين “الانتقالي” والمحافظات الشرقية كان واضحًا برفض المحافظات الشرقية الإدارة الذاتية التي أعلنها “الانتقالي” في أبريل 2020م، وهو ما اعتبر موقفًا رافضًا لسياسات “المجلس الانتقالي الجنوبي” ومشروعه الرامي إلى السيطرة على جميع المحافظات الجنوبية.

لقد ظلَّت حضرموت بمثابة الهاجس الأكبر لـ”الانتقالي”، وبمثابة قطعة الكرز التي ستزيِّن مشروعه السياسي، ليس فقط لأنَّها أكبر المحافظات مساحة، بل لأنَّها أيضًا صاحبة الثروة النفطية الأكبر، والتي بدونها سيصبح المشروع الجنوبي مشروعًا مفتقدًا لمصدر طاقة حيوي ومصدر مالي ضخم؛ لذا قرَّر “الانتقالي” انعقاد الجمعية الوطنية التابعة له في حضرموت خلال الفترة 21-22 مايو 2023م، وحرص على استعراض قوَّته العسكرية، حيث دخل رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، مدينة المكلَّا، في 18 مايو 2023م، ترافقه قرابة (200) آليَّة عسكرية تمَّ إرسالها مِن عدن، بهدف إرسال رسالة غير مباشرة إلى خصوم “الانتقالي”.

لقد ظلَّت حضرموت بمثابة الهاجس الأكبر لـ”الانتقالي”، وبمثابة قطعة الكرز التي ستزيِّن مشروعه السياسي، ليس فقط لأنَّها أكبر المحافظات مساحة، بل لأنَّها أيضًا صاحبة الثروة النفطية الأكبر، والتي بدونها سيصبح المشروع الجنوبي مشروعًا مفتقدًا لمصدر طاقة حيوي ومصدر مالي ضخم

هذا الفعل استفزَّ القوى الحضرمية، فتداعت إلى عقد اجتماع لها في سيئون، واتَّخذت قرارات جريئة، مِنها تشكيل وفد للِّقاء بالقيادات السعودية، وتجاوبت السعودية مع ذلك، واستدعت بشكل عاجل السلطة المحلِّية ووفدًا مِن القوى الحضرمية المناوئة لـ”الانتقالي”، ضمَّ ممثِّلين عن القوى والشخصيَّات الحضرمية الفاعلة، وذلك لمناقشة هذه التطوُّرات. هذا الاجتماع الذي جرى في السعودية، نتج عنه بعد مشاورات استمرَّت لشهر كامل تأسيس “مجلس حضرموت الوطني”، في يونيو 2023م، وذلك لتبنِّي رؤى ومطالب أبناء المحافظة، وذلك بحضور محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي، وسفير السعودية لدى اليمن محمَّد آل جابر، وخرج عنه الإعلان عن “الوثيقة السياسية والحقوقية الحضرمية” التي تضمَّنت نتائج المباحثات الشاملة.

وجاء في الوثيقة إعلان “مجلس حضرموت الوطني” باعتباره حاملًا سياسيًّا معبِّرًا عن طموحات المجتمع الحضرمي، مؤكِّدة على وحدة حضرموت، وحقِّ أبنائها في إدارة شئونهم الاقتصادية والسياسية والأمنية، مع الإقرار بالتعدُّدية السياسية والاجتماعية في حضرموت والمحافظات الجنوبية، والتأكيد على الالتزام بالأهداف المشتركة مع تحالف دعم الشرعية، بقيادة السعودية. وشدَّدت الوثيقة على حقِّ الشعب في حضرموت عبر مكوِّناته المختلفة بالمشاركة العادلة في صناعة القرار السيادي والتمثيل في الغرف النيابية والهيئات الحكومية والاستشارية والتفاوضية، بما يضمن حماية المصالح الحيوية لأبناء حضرموت بشكل مستقل.

جاء في الوثيقة إعلان “مجلس حضرموت الوطني” باعتباره حاملًا سياسيًّا معبِّرًا عن طموحات المجتمع الحضرمي، مؤكِّدة على وحدة حضرموت، وحقِّ أبنائها في إدارة شئونهم الاقتصادية والسياسية والأمنية، مع الإقرار بالتعدُّدية السياسية والاجتماعية في حضرموت والمحافظات الجنوبية

وقد ضمَّ “مجلس حضرموت الوطني” عددًا مِن المكوِّنات الحضرمية، وفي مقدِّمتها “مؤتمر حضرموت الجامع” و”مرجعية حضرموت الوادي” و”حلف حضرموت الساحل” و”الهضبة والعصبة الحضرمية” و”الهبَّة الحضرمية” (مخيم العيون)، و”ميثاق الشرف الحضرمي”، كما ضمَّ عشرات الشخصيَّات والقيادات الحضرمية السياسية مِن وزراء ونوَّاب ووكلاء وأكاديميين وعسكريين وأمنيين ورجال مال وأعمال

وتأثَّرت التطوُّرات السياسية في المحافظات الشرقية بسياسات الدول المحيطة ومشاريعها تجاه اليمن؛ ففي نوفمبر 2017م حاول عدد مِن الشيوخ في محافظة المهرة، بقيادة علي سالم الحريزي منع القوَّات السعودية مِن الانتشار في مدينة الغيضة، وإنشاء ثكنة عسكرية في ميناء نشطون أوائل عام 2018م، بعد وصول سفينة حربية سعودية -في يناير 2018م- إلى الميناء وعلى متنها عدد مِن الجنود بأسلحة متوسِّطة وثقيلة. وقد بلغ مجموع ما تمَّ نشره مِن القوَّات السعودية في المحافظة ما بين (1,500) إلى (2,000) جندي. وفي سبيل استكمال نشر قوَّاتها بالمحافظة، عمدت الرياض لتوظيف قوَّات يمنية أمنيَّة متعاونة معها في المهرة. وكانت “قوَّات الردِّ السريع” الوحدة الأكثر شهرة محلِّيًّا في هذا الشأن. وتكوَّن جزء واسع مِن “قوَّات الردِّ السريع” بشكل رئيس مِن سكَّان ثلاث مناطق، هي: لحج والضالع وردفان. وهو ما دفع اللجنة المنظِّمة للاحتجاج في المهرة -في سبتمبر- لإصدار بيان موجَّه إلى محافظات لحج وأبين والضالع تحثُّها فيه على التوقُّف عن إرسال أبنائها إلى محافظة المهرة خدمة للسعودية.

وقد بدأت حركة الاحتجاجات الرسمية ضدَّ الوجود السعودي في محافظة المهرة بعد عودة السلطان “عبدالله بن عيسى آل عفرار”، في مايو 2018م، مِن العاصمة العُمانية (مسقط)؛ حيث كان مُقيمًا في مسقط منذ مغادرته للسعودية عام 2017م. وهذا يشي بدور عُماني في الاحتجاجات، خاصَّة أنَّ عُمان رأت في الوجود العسكري السعودي بالمحافظة، والاستيلاء على المنافذ الحدودية مع السلطنة، تحدِّيًّا لنفوذها التاريخي.

في 11 مارس 2019م، أسفرت الاشتباكات بين رجال القبائل وقوَّات حكومية مدعومة سعوديًا بالقرب مِن منفذ شحن الحدودي مع عُمان عن إصابة اثنين مِن رجال القبائل وعدد غير معروف مِن قوَّات “التحالف العربي”. وفي سبتمبر مِن العام ذاته (2019م)، أسَّس قادة احتجاجات المهرة، بدعم مِن سلطنة عُمان، “مجلس الإنقاذ الوطني الجنوبي”، بهدف مواجهة “المجلس الانتقالي الجنوبي” المدعوم إماراتيًّا، وطرد القوَّات العسكرية التابعة لـ”التحالف العربي” بقيادة السعودية مِن كلٍّ مِن المهرة وبقية المحافظات الشرقية. غير أنَّ هذا الكيان لم يستطع لعب أيِّ دور حقيقي مؤثِّر في الفضاء السياسي في المحافظات الشرقية أو الجنوبية بشكل عام.

في عام 2020م، تزايدت حدَّة التوتر في محافظة المهرة، خصوصًا مع تعرُّض رتل مِن القوَّات السعودية، ترافقه قوَّات يمنية مِن كتيبة المهام الخاصَّة، لكمين مِن قِبل مسلَّحين قبليِّين، على الطريق المؤدِّي إلى منفذ شحن الحدودي، التابع للمهرة، في 17 فبراير. وقد كان الرتل جزءًا مِن دورية مكلَّفة بإجراء عمليَّات تفتيش يومية في منافذ المهرة، في إطار الجهود المبذولة مِن أجل منع تهريب التكنولوجيا العسكرية مِن إيران إلى المتمرِّدين الحوثيين.

لقد ظلَّ الوجود العسكري السعودي في المهرة محلَّ جدل، فبينما يدافع البعض بأنَّ السعودية تحاول تجفيف منابع تهريب الأسلحة للحوثيين، يقول البعض بأنَّ سبب وجود القوَّات السعودية هو إقامة أنبوب نفط سعودي يمرُّ عبر المحافظة إلى بحر العرب جنوبًا، بدلًا مِن مضيق هرمز الذي يقع تحت طائلة التهديدات الإيرانية.

إنَّ خصوصية المهرة التي جعلتها بعيدة عن أيِّ صراع سياسي في التاريخ الحديث لليمن كان عاملًا مؤثِّرًا في رفض أهل المهرة لأيِّ قوَّات أجنبية غير يمنية في المحافظة؛ ووصفها بأنَّها قوَّة احتلال.

التنافس والتجاذب:

في حين اتَّفق مشروعا المحافظات الشرقية (مشروع دولة الجنوب ومشروع دولة حضرموت) على أن يتولَّى أبناء حضرموت مسئوليَّة حكمها، بما في ذلك الملفُّ الأمني، لكنَّهم لم يُعبِّروا صراحة -على الأقل حتَّى 2019م- بتأسيس أيِّ قوَّات حضرمية تحلُّ محلَّ المنطقة العسكرية الأولى. وكان “الانتقالي” أكثر صراحة وصرامة، بل وأكثر اندفاعًا، حيث أعلن رئيس “المجلس الانتقالي الجنوبي”، اللواء عيدروس الزبيدي، التعبئة العامَّة، وتأسيس محاور قتالية بهدف استعادة وادي حضرموت وطرد قوَّات المنطقة العسكرية الأولى (التابعة للحكومة الشرعية)، في مايو 2019م. ورغم عدم تنفيذ هذه التهديدات إلَّا أنَّها مثَّلت إيذانًا بفتح جبهة حرب جديدة، هذه المرَّة في المحافظات الخاضعة للشرعية، وجرِّ حضرموت التي لطالما استطاعت تفادي المواجهات القتالية -سواء إبَّان انقلاب جماعة الحوثي أو اقتحام تنظيم القاعدة لها.

في ديسمبر 2021م، حدث لقاء بين الكتلة المدعومة مِن “الانتقالي” مع مجموعة مِن القيادات القبلية في وادي حضرموت، عُرف اللقاء بـ”لقاء حرو”، وانبثقت عنه لجنة التصعيد لمخرجات “لقاء حضرموت العام”، وأكَّد المجتمعون أنَّ ذلك مِن أجل انتزاع الحقوق وإيجاد حلول للغلاء المعيشي الجائر في ظلِّ انهيار العملة المحلِّية. وقد ركَّزت الهبَّة بشكل رئيس على منع تصدير النفط ردًّا على فساد الحكومة، ومنع تصدير الثروة السمكية والحيوانية والزراعية حتَّى يتمَّ استيفاء السوق المحلِّية أوَّلًا. والملفت في هذا التصعيد ابتعاد أكبر المكوِّنات الحضرمية القبلية عن التأثير، وهي “مؤتمر حضرموت الجامع” و”حلف قبائل حضرموت”، عنه. وكان مِن أبرز المكوِّنات التي تصدَّرت الهبَّة الحضرمية الثانية مِن البداية “كتلة حلف وجامع حضرموت مِن أجل حضرموت والجنوب”، وهو كيان انشقَّت قياداته عن “مؤتمر حضرموت الجامع” و”حلف حضرموت”، بدعم مِن “المجلس الانتقالي الجنوبي”، وترأَّسه المقدَّم سالم بن سميدع، بنيابة الشيخ حسن الجابري، والذي عُيِّن رئيسًا للجنة التصعيدية للهبَّة الحضرمية الثانية.

لم تلبث الهبَّة الحضرمية الثانية أن انقسمت، وبدأ الانقسام مع أوَّل تغيير للمطالب الشعبية الحضرمية، وهو مطلب نقل مكاتب شركات النفط الرئيسة مِن صنعاء إلى عدن بدلًا مِن المطالبة بنقلها إلى حضرموت. وأدَّى ضغط المحافظ فرج سالمين البحسني على قيادات اللجنة التصعيدية إلى انقسامها، فالكتلة الأولى المحسوبة على “الانتقالي”، بقيادة حسن الجابري، غادرت الخيام وذهبت للرياض لرفع المطالب إلى الرئيس عبدربه منصور هادي -في حينه، والكتلة الأخرى، بقيادة صالح بن حريز المرِّي، ظلَّت في “مخيَّم العيون”، وحظيت بدعم بعض القوى والمكوِّنات، وعلى رأسها الحراك الثوري الذي يرأسه حسن باعوم (محافظ شبوة السابق، في فترة ما قبل الوحدة في الشطر الجنوبي).

وعلى الرغم مِن الآمال الكبرى التي عُلِّقت على الهبَّة الحضرمية، عند بدايتها، خصوصًا أنَّ الهبَّة الحضرمية الأولى كانت لحظة فارقة في الحراك السياسي في حضرموت والمحافظات الشرقية بشكل عام، إلَّا أنَّها فشلت في أن تلعب أيَّ دور فارق. رغم دفاع البعض عنها بأنَّها حقَّقت بعض المكاسب، كإيقاف تهريب خام الذهب إلى مأرب، واكتشاف مئات حقول النفط غير المسجَّلة رسميًّا؛ إلَّا أنَّها تظلُّ ادعاءات غير مؤكَّدة مِن جهات رسمية.

التغيُّر الأكبر الذي أحدثته الهبَّة الحضرمية هو تغيير قيادة المنطقة العسكرية الأولى، فقد تمَّ إعفاء اللواء الركن يحيى محمد أبو عوجاء، وتعيين الكادر الحضرمي العقيد الركن عامر بن حطيان، أركان حرب المنطقة العسكرية الأولى. ومع ذلك، فقد أكَّدت قيادة الهبَّة الحضرمية أنَّ هذا القرار لا يُلبِّي تطلُّعات أبناء حضرموت في إخراج قوَّات المنطقة العسكرية الأولى التي تعتبرها بمثابة قوَّات احتلال للوادي والصحراء، وتمكين الحضارم مِن إدارة شئونهم الأمنية والعسكرية بأنفسهم. وهذا الموقف يتطابق مع موقف “الانتقالي”. وقد عمدت الهبَّة الحضرمية لفتح باب التجنيد للحضارم، بهدف تجنيد (25) ألف شخص مِن أبناء المحافظة للدفاع عن حقوقها. غير أنَّه جرى الرجوع عن هذا القرار تحت ضغوط “التحالف العربي”.

وكان تشكيل “مجلس حضرموت الوطني” بمثابة تطوُّر مهم في الفضاء السياسي الحضرمي، فقد حظي بتوافق طيف واسع مِن القوى في حضرموت، وبدعم إقليمي واضح مِن السعودية صاحبة التأثير الأقوى في اليمن. كما أنَّه كان بمثابة تحريك للمياه الراكدة بعد سنوات مِن الانقسام بين مشروع حضرموت والجنوب؛ إلَّا أنَّه حظي بهجوم واسع مِن قبل “الانتقالي”، وربط البعض بين “مجلس حضرموت الوطني” وقوَّات “درع الوطن”، خصوصًا أنَّ هذه القوَّات ركَّزت على تجنيد الحضارمة فقط في صفوفها، أي أنَّ السعودية -بشكل آخر- تحاول أن تبقي حضرموت تحت سيطرة نفوذها، سياسيًّا عن طريق “مجلس حضرموت الوطني”، وعسكريًّا عن طريق قوَّات “درع الوطن”. بينما اعتبر البعض “مجلس حضرموت الوطني” محاولة يائسة مِن “التجمع اليمني للإصلاح” ليلعب دورًا في المحافظات الشرقية، بعد أن فشل في حربه في الشمال ضدَّ جماعة الحوثي، وضدَّ الانتقالي في محافظة عدن وما حولها.

كان تشكيل “مجلس حضرموت الوطني” بمثابة تطوُّر مهم في الفضاء السياسي الحضرمي، فقد حظي بتوافق طيف واسع مِن القوى في حضرموت، وبدعم إقليمي واضح مِن السعودية صاحبة التأثير الأقوى في اليمن.


في 9 يناير 2024م، تمَّ الإعلان عن “المجلس الموحَّد للمحافظات الشرقية”؛ وهو ما يعتبر امتدادًا لفكرة الأقاليم التي كانت نتاجًا لمؤتمر الحوار الوطني الشامل (2013م/2014م)، كما أكَّد بيان تأسيس المجلس أنَّ المجلس الموحَّد للمحافظات الشرقية سيكون مشروعًا سياسيًّا ومجتمعيًّا فاعلًا ورافعة للإقليم الواعد. ويمثِّل تأسيس هذا المكوِّن الجديد ضربة أخرى لمشروع “المجلس الانتقالي الجنوبي”، الداعي للانفصال التَّام بين الشمال والجنوب، والذي يقدِّم نفسه ممثِّلًا لكلِّ الجنوب، بينما سيمثِّل هذا المجلس الوليد نحو 80% مِن مساحة الجنوب، و65% مِن مساحة اليمن عمومًا، علاوة على وجود معظم حقول النفط في محافظتي حضرموت وشبوة.

ويمتلك المجلس الموحَّد للمحافظات الشرقية عددًا مِن عوامل القوَّة، وهي:

  1. استناد مشروع المحافظات الشرقية إلى أساس شرعي، وهو التوافق الوطني الذي ترجمته مخرجات الحوار الوطني الشامل، والذي بات شرطًا لاستقرار اليمن، وهذا الأمر يمثِّل اتِّجاهًا لمجلس القيادة الرئاسي مِن خلال تمكين الأقاليم مِن إدارة شئونها.
  2. تمسُّك المجلس الموحَّد للمحافظات الشرقية مِن خلال إعلانه بالمرجعيَّات الثلاث، ممَّا يطمئن أبناء اليمن عمومًا أنَّ المشروع الذي يحمله أبناء الشرق ليس مشروعًا يدعو للتمزيق أو الانقلاب على ما توافقت عليه الأطراف المتحاورة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل.

وتبقى المعضلة الأساسية هي في مدى إمكانية نجاح مشروع الإقليم الشرقي في ظلِّ عدم امتلاكه لأيِّ قوَّة عسكرية تحميه مِن مشاريع الأطراف الأخرى المستقوية بتشكيلاتها العسكرية، في حالة تصاعدت الأمور وتحوَّلت إلى عنف مسلَّح مستقبلًا.

وبرغم تواري “حلف قبائل حضرموت” عن الأنظار في السنتين الأخيرتين، وصعود قوى أخرى، كـ”مجلس حضرموت الوطني” و”المجلس الموحَّد للمحافظات الشرقية، إلَّا أنَّ الحلف عاد إلى المشهد، فقد كان الاجتماع الذي عقده “حلف قبائل حضرموت”، في الثالث مِن أغسطس الماضي، على إثر زيارة وفد عالي المستوى مِن مجلس القيادة الرئاسي، بقيادة رئيس المجلس، د. رشاد العليمي، إلى حضرموت، بمثابة خطوة إضافية في زيادة الاستقطاب في حضرموت. فقد هدَّد الحلف بخطوات عملية للحفاظ على نفط حضرموت ما لم يتم تفعيل دور الشراكة الفاعلة والحقيقية مع حضرموت.

هذا التأثير الحالي للتحرُّكات التي يقودها الشيخ عمرو بن حبريش لن تستطيع تحقيق تغيير واقعي ملموس على المدى البعيد، فهي تحرُّكات متعلِّقة بشكل رئيس بعوائد تصدير النفط، حين تزداد الأحاديث عن قرب استئناف تصدير النفط.

بشكل عامٍّ، فقد تعرَّضت هذه المجالس والقوى للكثير مِن الانتقادات، حيث يرى البعض أنَّها بعيدة عن المعركة الرئيسة التي تخوضها البلاد ضدَّ ميليشيا جماعة الحوثي الانقلابية، ويذهب آخرون إلى أنَّها قد تشجِّع على فكرة الانفصال رغم التزام معظمها الظاهري -حاليًّا- بالوحدة ومخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية والقرارات الدولية، وذلك بسبب إثارتها للنعرات المناطقية. ويمكن القول إنَّ المحافظات الشرقية تحوَّلت إلى بوتقة لتنافس المشاريع السياسية المدعومة داخليًا وخارجيًا.

على صعيد محافظة شبوة، اتَّبعت شبوة خطوات حضرموت، حيث جرى الإعلان عن “حلف أبناء وقبائل شبوة”، في 11 يوليو 2023م، إلَّا أنَّ الوجود القوي لـ”الانتقالي” في شبوة كان سببًا في وجود كيانين متوازيين بنفس الاسم، أحدهما يتبع “الانتقالي” والآخر يعترف بالحكومة الشرعية. كما تمَّ الإعلان أيضًا عن “مجلس شبوة الوطني”، في يناير 2024م، وكانت مطالباته قريبة مِن مطالبات “مجلس حضرموت الوطني”، وهي أن يدير أبناء المحافظة المحافظة بأنفسهم، وأن يحصلوا على حقوق أوسع، وتمثيل أكبر سياسيًّا. مع ملاحظة أنَّ محافظة شبوة تعاني مِن حالة تمزُّق وانقسام قبلي وسياسي أكثر ممَّا تعاني مِنه محافظة حضرموت، فـ”الانتقالي” لم يستطع كسر حالة الوفاق النسبية لدى قبائل حضرموت، ورغم وجود الكثير مِن مؤيِّدي “الانتقالي” في حضرموت إلَّا أنَّ القبائل بقيت في حالة متماسكة أكثر مِن محافظة شبوة.

تأثير المحافظات الشرقية في مسار السلام:

ناقشنا خارطة القوى السياسية في المحافظات الشرقية، ومدى تطوُّرها وتأثُّرها بالأبعاد الإقليمية، خصوصًا مع التأثير البارز للسعودية والإمارات في اليمن بشكل عامٍّ، والمحافظات الشرقية بشكل خاصٍّ؛ ويبقى السؤال الأهمُّ هو ما الدور الذي يمكن لهذه القوى السياسية أن تلعبه في مفاوضات السلام وإنهاء الحرب؟

جدير بالذكر أنَّ الدور الأبرز الذي يمكن لهذه القوى لعبه هو التأثير على النطاق المحلِّي، وليس على المستوى الوطني عمومًا. ففي السنوات الأخيرة ظهرت العديد مِن هذه القوى السياسية التي باتت ذات قدرة على التأثير بشكل أو بآخر في المشهد السياسي، وانقسمت الكثير مِن القوى والكيانات السياسية ودخلت في تنافس فيما بينها، وكثير مِن الكيانات التي ظهرت تشكَّلت نتيجة استقالات وانشقاقات في بعض القوى السياسية.غير أنَّ ظهور هذه القوى ثمَّ تراجعها، كمجلس حضرموت الوطني، وغياب بعض القوى لسنوات عن المشهد ثمَّ عودتها إليه، كحلف قبائل حضرموت، تسبَّب في تهميشها أو ضعف تأثيرها. ومع زيادة التشظِّي والانقسام سوف تقلُّ قدرة هذه الأطراف على التأثير. لهذا، اجتمعت العديد مِن هذه القوى في عدن، في اجتماع موسَّع، في شهر مايو الماضي، في محاولة لتوحيد جهودها لمحاربة جماعة الحوثي.

وسوف تظلُّ هناك أربع قوى رئيسة قادرة على التأثير في مفاوضات السلام وإنهاء الحرب، وهي: “المجلس الانتقالي الجنوبي”، و”مجلس حضرموت الوطني”، و”المجلس الموحَّد للمحافظات الشرقية”، و”اعتصام المهرة”. ويعتمد مدى تأثير هذه القوى على عوامل عدَّة، مِنها الحضور الشعبي والدعم الإقليمي ووجود قوَّات عسكرية.

فـ”الانتقالي” وإن لم يستطع اختراق المحافظات الشرقية الأخرى، حيث لا تزال المهرة ترفضه ولا يزال طيف واسع مِن القوى الحضرمية يرفضه، إلَّا أنَّه تمكَّن مِن تحقيق اختراق كبير في محافظة شبوة. ومع ذلك لديه حاضنة شعبية لا يجب الاستهانة بها في المحافظات الشرقية. وهو يستند إلى دعم إقليمي كبير، تقف وراءه دولة الإمارات، والتي تتكفَّل بقطاع واسع مِن تسليحه وموارده المالية؛ بل وليس مِن المبالغة القول بأنَّ “الانتقالي” لم يكن ليصل إلى ما وصل إليه لولا هذا الدعم الإماراتي الكبير الذي حظي به خلال السنوات الفائتة.

هناك أربع قوى رئيسة قادرة على التأثير في مفاوضات السلام وإنهاء الحرب، وهي: “المجلس الانتقالي الجنوبي”، و”مجلس حضرموت الوطني”، و”المجلس الموحَّد للمحافظات الشرقية”، و”اعتصام المهرة”. ويعتمد مدى تأثير هذه القوى على عوامل عدَّة، مِنها الحضور الشعبي والدعم الإقليمي ووجود قوَّات عسكرية

المشكلة الرئيسة التي قد يواجهها “الانتقالي” هي أنَّ حضرموت والمهرة تعتبران أمنًا قوميًّا للسعودية وعُمان، ما يجعل مهمَّته في التأثير على هذه المحافظات أمرًا في غاية الصعوبة؛ فالسعودية لديها علاقات تاريخية مع حضرموت، وهي الداعم الأوَّل لـ”مجلس حضرموت الوطني”، وإن ضعف دوره في الأشهر القليلة الماضية، كما أنَّها أسَّست قوَّات “درع الوطن” كقوَّات توازي قوَّات “الانتقالي”. أمَّا المهرة فقد عاشت منذ سنوات تحت تأثير النفوذ العُماني. ورؤية المحافظات الشرقية جزءًا مِن الدولة الجنوبية المنتظرة أمر في غاية الصعوبة، فاللَّاعب الأقوى في الملفِّ اليمني، وهي السعودية، ترفض الأمر إلى حدِّ الآن، كما أنَّ الأطراف الدولية لا تزال غير متشجِّعة لفكرة الانفصال. في ذات الوقت فإنَّ مفاوضات السلام متعلِّقة بشكل رئيس بالحوثيين الذين يرفضون فكرة الانفصال.

أمَّا “مجلس حضرموت الوطني” فهو واحد مِن أهمِّ القوى السياسية اليوم، والسبب في ذلك أنَّه امتداد للمشروع الحضرمي بشكل رئيس، والذي ظهر لأوَّل مرَّة في ستينيَّات القرن الماضي -كما سبق ذكره؛ لذا مِن الطبيعي أن يلتفَّ المدافعون عن مشروع حضرموت خلف المجلس. كما أنَّه يحظى بدعم سعودي واضح، وهو أمر في غاية الأهمِّية. ورغم تراجعه في الأشهر الماضية إلَّا أنَّه قادر على التأثير على قطاع واسع مِن الجمهور في المحافظة. وقد باتت فكرة المركزية في اليمن في طريقها للانتهاء، وإن تعنَّت الحوثيُّون في هذا الأمر، فـ”اللَّا مركزية” أصبحت واقعًا تعيشه المحافظات المحرَّرة منذ عام 2015م.

أمَّا “المجلس الموحَّد للإقليم الشرقي”، والذي قام على أساس مخرجات الحوار الوطني، فإنَّه سيواجه رفض الحوثيين لصيغة اليمن الاتِّحادي، كما سيظلُّ هدفًا لـ”الانتقالي” باعتباره كيانًا معيقًا للانفصال واستعادة دولة الجنوب في حدود 1990م، وبالتالي فإنَّه يواجه طرفان قويَّان بأهداف مختلفة. غير أنَّه سيجد دعمًا مِن قوى محلِّية في تلك المحافظات سياسية واجتماعية، يهمُّها بقاء الإقليم بعيدًا عن جماعة الحوثي، وعن سلطة “الانتقالي” التي فشلت في إدارة محافظة عدن وما حولها وقدَّمت صيغة شموليَّة تذكِّر بالماضي قبل عام 1990م.

ويمثِّل “اعتصام المهرة” الذي يحظى بدعم كبير مِن سلطنة عُمان الحلقة الأضعف، فهو أمام خيارات صعبة واستحقاقات أقوى، وبالتالي فهو وإن ظلَّ أداة في يد التجاذبات والاستقطابات على صعيد الإقليم الشرقي إلَّا أنَّه سيحافظ على تحقيق مكاسب في الإقليم أكبر مِنها في دولة الانفصال أو دولة الوحدة المركزية.

وفي حين يحظى حزبي، المؤتمر الشعبي العام والتجمُّع اليمني للإصلاح، بالحضور الأقوى في المحافظات الشرقية، إلَّا أنَّهما لم يقدِّما مشروعًا سياسيًّا مستقلًّا، بل انخرطوا في هذه المشاريع السياسية بشكل مباشر أو غير مباشر. فقد حرص “الإصلاح” على دعم “المجلس الموحَّد للمحافظات الشرقية” و”مجلس حضرموت الوطني”، فيما استفاد “المجلس الانتقالي الجنوبي” مِن الكثير مِن كوادر “المؤتمر” في تلك المحافظات.

يحظى حزبي، المؤتمر الشعبي العام والتجمُّع اليمني للإصلاح، بالحضور الأقوى في المحافظات الشرقية، إلَّا أنَّهما لم يقدِّما مشروعًا سياسيًّا مستقلًّا، بل انخرطوا في هذه المشاريع السياسية بشكل مباشر أو غير مباشر. فقد حرص “الإصلاح” على دعم “المجلس الموحَّد للمحافظات الشرقية” و”مجلس حضرموت الوطني”، فيما استفاد “المجلس الانتقالي الجنوبي” مِن الكثير مِن كوادر “المؤتمر” في تلك المحافظات.

ويمكن القول بأنَّ “مجلس حضرموت الوطني” و”المجلس الانتقالي الجنوبي” هما الطرفان الأقوى تأثيرًا على مفاوضات السلام القادمة، إلَّا أنَّ رفض الحوثيين والمجتمع الدولي لفكرة الانفصال سيجعل مِن قدرة “الانتقالي” على الانفصال أمرًا في غاية الصعوبة، بينما سيحتاج “مجلس حضرموت الوطني” إلى قوَّات عسكرية تحميه أسوة بـ”الانتقالي” وجماعة الحوثي.

وعند المقارنة بين المشروع السياسي الذي يحمله “المجلس الموحَّد للإقليم الشرقي” و”المجلس الانتقالي الجنوبي” و”مجلس حضرموت الوطني” و”اعتصام المهرة” سنجد أنَّ المشروع السياسي الذي يحمله “مجلس حضرموت الوطني” هو الأكثر قبولًا في منظور الحوثيين في مفاوضات السلام، لأنَّه لا يطالب بالانفصال كما هو الحال مع “الانتقالي”، ولا بالأقاليم كما هو الحال مع “المجلس الموحَّد”، بل يطالب بالمزيد مِن الصلاحيات في إدارة الحضارم لمحافظتهم فقط.

المصادر

  أبناء المهرة يعلنون رفضهم للإقليم الشرقي ويعتبرونه تكريسًا لسياسة العصبة الحضرمية، أخبار اليوم، في: 27/8/2013م، متوفر على الرابط التالي:

https://2u.pw/zuxMepV1

  المهرة اليمنية.. من العزلة إلى قلب عاصفة جيوسياسية، يحيى السواري، مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية، في: 15/6/2019م، متوفر على الرابط التالي:

https://2h.ae/TwBA

  من المفارقات أنَّ حرب الانفصال عام 1994م انتهت في 7 يوليو، وهو ما يُسمِّيه الجنوبيُّون بيوم النكبة أو يوم اكتمال احتلال الجنوب.

  كيف يؤثِّر النفط على حاضر السياسة في اليمن ومستقبلها؟، منير بن وبر، منتدى فكرة- معهد واشنطن، في: 9/8/2019م، متوفر على الرابط التالي:

https://2h.ae/yKNb

  اليمن.. حلف قبائل حضرموت ومسارات التفكيك، أبعاد للدراسات الإستراتيجية، في: 21/1/2023م، متوفر على الرابط التالي:

https://2h.ae/deSA

  مجلس حضرموت الوطني بين اللعبة السياسية وفخ الصراعات الحزبية، أحلام الكثيري، صوت حضرموت، في: 30/10/2023م، متوفر على الرابط التالي:

https://www.hdrvoice.com/24406/

  اليمن.. انتقادات للجوء الرئيس للتحكيم القبلي، الجزيرة نت، في: 10/4/2014م، متوفر على الرابط التالي:

https://2u.pw/CoQw2Ext

المجلس الأهلي الحضرمي يؤيِّد بقوَّة العمليات العسكرية لقوَّات التحالف، الشرق الأوسط، في: 28/5/2015م، متوفر على الرابط التالي:

https://2u.pw/SKb1W24M

  بين صراعاته المناطقية وتنافس الإقليم على عدن ما هو مستقبل المجلس الانتقالي الجنوبي؟، مركز أبعاد للدراسات والبحوث، مرجع سابق.

  اليمن.. اشتباكات عنيفة بين قوات سعودية يمنية ومسلَّحين بالمهرة، وكالة الأناضول، في: 17/2/2020م، متوفر على الرابط التالي:

https://2h.ae/VXZZ

  علي الحريزي: التواجد السعودي في المهرة احتلال، الجزيرة نت، في: 18/10/2018م، متوفر على الرابط التالي:

https://2u.pw/eH7XRI5M

  تعرف على نتائج الهبة الحضرمية الثانية، سماء الوطن الإخبارية، في: 18/12/2021م، متوفر على الرابط التالي:

https://2h.ae/Ctdc

  هل تراجع نشاط الهبَّة الحضرمية الثانية؟، مركز ساوث24 للأخبار والدراسات، في: 18/8/2022م، متوفر على الرابط التالي:

https://2u.pw/2dzmeC5H

 حضرموت نقطة افتراق مفصلية بين السعودية وإخوان اليمن، صحيفة العرب، في: 10/10/2022م، متوفر على الرابط التالي:

https://2u.pw/t2yUDpR


مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى